وِلأَِحمَدَ: عَن
المُطَّلِبِ بْنِ حَنْطَبِ رضي الله عنه، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
أَنَّهُ قَالَ: «طُوبَى لِلغُرَبَاءِ»، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَنْ
الغُرَبَاءُ؟ قَالَ: «الَّذِينَ يَزِيدُونَ إِذَا نَقَصَ النَّاسُ» ([1]).
ولِلتِّرْمِذِيِّ
مِن حَدِيثِ كَثِيرٍ بْنِ عَبْدِ اللهِ المُزَنِيِّ، عَن أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ،
عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «طُوبَى لِلغُرَبَاءِ
الَّذِينَ يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ مِنْ سُنَّتِي» ([2])، قَالَ الأَوْزَاعِيُّ
فِي مَعنَى الحَدِيثِ: أَمَا إِنَّه مَا يَذْهَبُ الإِسْلاَمُ، وَلَكِنْ يَذْهَبُ
أَهلُ السُّنّةِ، حَتَّى مَا يَبْقَى فِي البَلَدِ مِنْهُم إِلاَّ رَجُلٌ وَاحِدٌ.
****
مَا زَالَ الحَدِيثُ فِي الغُربَاءِ فِي آخِرِ
الزّمانِ.
والغَرِيبُ:
هُو الّذِي يَعِيشُ مَع غَيرِ جِنسِه، والصَّالِحُون فِي آخِرِ الزَّمَانِ
يَعِيشُون مَعَ غَيرِ جِنسِهم؛ لِذَلِك صَارُوا غُرَبَاءَ.
جَاءَ
فِي تَفسِيرِهم - كمَا سَبَقَ -: «الَّذِينَ
يُصلِحُون إِذَا فَسَدَ النَّاسُ»، هَؤُلاءِ غُربَاءُ.
وَجَاءَ:
هُم «الَّذِينَ يُصلِحُونَ مَا أَفسَدَ
النَّاسُ».
وَجَاءَ
فِي هَذَا الحَدِيثِ: «الَّذِينَ يَزِيدُونَ إِذَا نَقَصَ النَّاسُ»؛ يَعنِي: يَتَمسَّكُونَ
بِالدِّينِ، إذَا النَّاسُ نَقَصُوا مِن الدِّينِ، هُم لاَ يُنقِصُون دِينَهم،
يَتَمسَّكُونَ بِه، وَكلُّ الرِّوَاياتِ لاَ تَختَلفُ؛ الغُربَاءُ يَجمَعُونَ
هَذِه الأَوصَافَ.
****
قَولُه صلى الله عليه وسلم: «مِنْ سُنَّتِي»، هَذَا فِيهِ تَفسِيرُ مَا أَفسَدَ النّاسُ مِن مَاذَا؟ مِن سُنّةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم.
([1]) انظر: مدارج السالكين لابن القيم (3/ 184، 185).