×
شرح كتاب الفتن والحوداث

ثمّ ذَكَر صِفَتَهم فِي الإِنجِيلِ الّذِي أُنزِلَ عَلَى عِيسَى عليه السلام: ﴿وَمَثَلُهُمۡ فِي ٱلۡإِنجِيلِ كَزَرۡعٍ أَخۡرَجَ شَطۡ‍َٔهُۥ فَ‍َٔازَرَهُۥ فَٱسۡتَغۡلَظَ فَٱسۡتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِۦ [الفتح: 29]، أوَّلاً: هُم كَانُوا نَبَاتًا ضَعِيفًا؛ قَصَبَةٌ وَاحِدةٌ، القَصَبةُ هَذِه أَنتَجَت، وَصَارَ لهَا فُرُوعٌ، الفُرُوعُ هَذِه قَوِيَت، وَصَلُبَت، الزَّرعُ تكَوَّن، صَارَ حِينَئذٍ مَزرَعَةً كَامِلةً، ثمَّ سَنبَلَ الزَّرعُ، صَارَ لَه سَنَابِلَ، واسْتَوَى عَلَى سُوقِه وَعَلَى قَصَبِه، تَرَى السَّنَابِلَ مَجمُوعَاتٍ، كلُّ وَاحِدةٍ علَى قَصبَةٍ، هَذِه صفَةُ هذِه الأمّةِ؛ تَكونُ فِي الأوَّلِ نَبَاتًا ضَعِيفًا، ثمَّ صَارَ لَه فِرَاخٌ، ثمَّ نَمَا، حتَّى استَوَى عَلَى سُوقِه؛ لِيُعْجِبَ الزُّرَّاعَ مِن حُسنِه، هَكَذا هَذِه الأُمّةُ.

بَدَأَ الِإِسلاَمُ غَرِيبًا عَلَى هَذِه الصّفةِ، ثمَّ تَكَوَّنَ، وَنَمَا، وَانتَشَرَ فِي الأَرضِ، ثمَّ فِي آخِرِ الزَّمَانِ إذَا كَثُرَت الفِتَنُ، يعُودُ الإِسلاَمُ غَرِيبًا، وَلاَ يَتَمسَّكُ بِه إِلاَّ أَفرَادٌ مِن النّاسِ، الّذِين يَتَسَمَّونَ بِالإِسلامِ كَثِيرٌ، وَلَكنَّ الَذِين يَتمَسَّكُونَ بِالإِسلاَمِ الصَّحِيحِ قَلِيلٌ غُرَبَاءُ، يَنظُرُ إِلَيهِم النّاسُ نَظَرَ استِغرَابٍ، يَقُولُون: هَؤُلاءِ مُتَشدِّدُون، هَؤُلاَءِ فِيهِم، هَؤُلاءِ تَكفِيرِيُّون، هَؤلاَءِ...، إلَى آخِرِه.

يَنظُرُون لَهُم نَظرَةَ استِغرَابٍ، لَكِنْ لاَ يَضُرُّهم إذَا تَمَسَّكُوا بِدِينِهم، نَعَم، لاَ تَصِرْ مُخَرِّبًا، وَلاَ تَصِرْ - أَيضًا - إِرَهَابِيًّا تَقتُلُ بِغَيرِ حَقٍّ، لَيْسَ الإِسلاَمُ أَنْ تُخَرِّبُ، أَنْ تَكُونُ إِرْهَابيًّا، هَذَا لَيْسَ مِن الإِسلاَمِ، أن تكون تَكفِيرِيًّا، تُكفِّرُ النّاسَ بِغَيرِ حَقٍّ، لاَ، هَذَا لَيْسَ الإِسلاَمُ. الإِسلاَمُ دِينٌ صَحِيحٌ لَه أصُولٌ، لَه قَوَاعدٌ، لاَ بدَّ مِن تَعلُّمِها وَأنْ تَعرِفَها، 


الشرح