×
شرح كتاب الفتن والحوداث

قوله: «قِيلَ: وَمِنَ الغُرَبَاءُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «الّذِينَ يَصْلُحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ»» ([1])، لاَ يَنظُرُونَ لِلنّاسِ، يَنظُرُونَ لِهَذاَ الدِّينِ، وَيتمَسَّكُونَ بِه، وَلَو أَصَابَهم مَا أَصَابَهم.

وَفِي رِوَايةٍ: «طُوبَى لِلغُرَبَاءِ الّذِينَ يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ مِن سُنَّتِي» ([2])؛ يَعنِي: يَجمَعُون بَيْنَ الوَصْفَين؛ يَصْلُحُون ويُصْلِحُونَ، هَؤلاَءِ الغُرَبَاءُ. دُعَاةُ الشّرِّ كَثِيرٌ، بَل بِاسمِ الإِسلاَمِ، يُدعَونَ بِاسمِ الإِسلاَمِ، وَهُم يَدْعُونَ إِلَى الشّرِّ، «دُعَاةٌ عَلَى أَبوَابِ جَهَنَّمَ، مَن أَجَابَهُم إِلَيهَا، قَذَفُوهُ فِيهَا» ([3])، لَكنَّ مَن يَدعُو إِلَى الإِسلاَمِ الصَّحِيحِ قَلِيلٌ، وَلَكنَّه هُو الخَيرُ، وَهُو الغَرِيبُ بَيْنَ النّاسِ، يَصبِرُ عَلَى هَذَا

قَولُه صلى الله عليه وسلم: «طُوبَى لِلغُرَبَاءِ»، هَذَا مَعنَاه أنَّه يَحصُلُ عَلَيه ضَغطٌ مِن المُجتَمَعِ وَمِن النّاسِ، لَكنْ طَالَمَا هُو عَلَى الحقِّ، يَصبِرُ، أمَّا إذَا كَانَ عَلى غَيرِ حَقٍّ، فَإنَّه يَرجِعُ لِلحَقِّ، وَلاَ يَبقَى عَلَى مَا هُو علَيه.

الغُرَباءُ الّذِينَ هُم عَلَى الدِّينِ الصَّحِيحِ، وَلَيسَ الدِّينُ المُدَّعَى، أَو الذِي عَلَيه النّاسُ، أَو الّذِي يَقُولُه فُلانٌ وَفُلانُ، لاَ، الذِي قَالَه اللهُ ورَسُولُه صلى الله عليه وسلم، الدِّينُ الصَّحِيحُ مَا قَالَه اللهُ وقَالَه الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم:

الْعِلْمُ قَالَ اللهُ قَالَ رَسُولُهُ **** قَالَ الصَّحَابَةُ هُمْ أُولُو الْعِرْفَانِ

هَذَا الدِّينُ الصَّحِيحُ: قَالَ اللهُ، قَالَ رَسُولُهُ، قَالَ الصَّحَابَة رضي الله عنهم هُم أُولُو العِرفَانِ؛ صَحَابَةُ الرّسُولِ صلى الله عليه وسلم.


الشرح

([1])  أخرجه: أحمد رقم (16690).

([2])  أخرجه: الترمذي رقم (2630).

([3])  أخرجه: البخاري رقم (3606)، ومسلم رقم (1847).