×
شرح كتاب الفتن والحوداث

وَلَهُ عَن ابْنِ عَمرِو رضي الله عنهما، عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «طُوبَى لِلْغُرَبَاءِ»، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَنِ الْغُرَبَاءُ؟ قَالَ: «أُنَاسٌ قَلِيلٌ صَالِحُونَ، فِي أُنَاسِ سُوءٍ كَثِيرٍ، مَنْ يَعْصِيهِمْ أَكْثَرُ مِمَّنْ يُطِيعُهُمْ» ([1]).

****

 لاَحِظ! مَن هُم الغُرَبَاءُ؟ بيَّنَهم الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم: «أُنَاسٌ قَلِيلٌ صَالِحُونَ فِي أُنَاسِ سُوءٍ كَثِيرٍ»، هَؤلاَءِ هُم الغُرَبَاء.

أَنتَ يُهِمُّك الصَّلاحُ؛ أنْ تَكُونَ مَع الصَّالِحِين: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّٰدِقِينَ [التوبة: 119]، يَهمُّك الصَّلاحُ والصَّالِحُونَ، ولاَ تَنظُر إلَى الكَثرَةِ المُخَالِفَةِ، إذَا كَانُوا عَلَى غَيرِ حَقٍّ، ابقَ مَعَ الصَّالِحِين، وَلَو كَانُوا قَلِيلِين.

وقَد قَالَ ابنُ مَسعُودٍ رضي الله عنه: «إِنَّمَا الْجَمَاعَةُ مَا وَافَقَ طَاعَةَ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتَ وَحْدَكَ» ([2])، أَنتَ الجَمَاعةُ طَالَمَا أَنَّك علَى حَقٍّ، فَأَنتَ الجَمَاعَةُ، وَمَا عَدَاكَ، فَلُيسُوا جَمَاعةً، وَإنْ كَانُوا كَثِيرِين.

قَولُه صلى الله عليه وسلم: «أُنَاسٌ قَلِيلٌ صَالِحُونَ فِي أُنَاسِ سُوءٍ كَثِيرٍ»، هَذِه صِفَة. قَولُه صلى الله عليه وسلم: «مَن يَعصِيهم أَكثَرُ مِمَّنْ يُطِيعُهُم»: الّذِينَ يَعصُونَك أَكثَرُ مِمَّن يُطِيعُونَك، وَلَو كَانَ الّذِينَ يُطِيعُونَك قَلِيلِين، اصبِرْ، اتْرُك المُخَالِفِين، وَلَو كَانُوا كَثِيرِين، لاَ تَذهبْ مَعَهُم وَتغَتَرَّ بِهِم، تَقولُ: هَؤُلاَءِ سَيُعاوِنُونَكَ؟ لاَ، طَالَمَا هُم عَلَى ضَلالٍ، اتْرُكهُم، لاَ خَيرَ فِيهِم.

****


الشرح

([1])  أخرجه: أحمد رقم (6650).

([2])  أخرجه: اللالكائي في اعتقاد أهل السنة رقم (160).