×
شرح كتاب الفتن والحوداث

الآَنَ عَنْ الدِّينِ، وَيَتَّبِعُون فَارِسَ وَالرُّومَ، ويَمدَحُونَهم، وَيَتَعَلَّقُون بِهِم، وَيُعَظِّمُونَهم، وأنَّهم هُم النّاسُ، وَهُم الّذِينَ عِندَهم الحَضَارةُ، وَعِندَهم الرُّقِيُّ والتَّقدُّمُ، وَلاَ يَنظُرُونَ إلَى دِينِهم، بَل يَنظرُونَ إِلَى مَا مَعَهُم مِن الدّنيَا وَالفِتنَةِ، وَيَرتَدّون عَن الدِّينِ - وَالعِياذُ بِاللهِ -، يَقُولُونَ: هَذَا دِينُنَا لَيْسَ بِه خَيرٌ.

هَؤُلاَءِ لَيْسُوا عَلَى دِينِنَا، وَانظُر مَاذَا صَارُوا الآنَ، يقُولُونَ: هَذَا الدِّينُ يَمنَعُنَا عَن الرُّقِيِّ والتَّقَدّمِ والحَضَارَةِ، ألاَ تَسمَعُون هَذَا؟ هَذَا وَاقِعٌ الآَنَ؛ يَزهَدُون بِالدِّينِ، وَيقُولُونَ: إنَّه هُو الّذِي يَعُوقُ المُسلِمِين.

الدِّينُ لَم يَعُقِ المُسلِمِين؛ الدِّينُ يَحثُّ علَى طَلبِ الرّزْقِ، يَحُثّ علَى الصِّنَاعةِ: ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن قُوَّةٖ [الأنفال: 60].

هذَا الدِّينُ يَحثُّ، لَكِنَّ المُسلِمِين تَكَاسَلُوا، الذَّنبُ ذَنبُ المُسلِمِين، لَيْسَ ذَنبَ الدِّينِ، لاَ، هُم انْقَلَبُوا عَلَى الدِّينِ، الآنَ يَقُولُون: الدِّينُ هُو الّذِي أَخَّرَهم.

قَولُه صلى الله عليه وسلم: «وَحَتَّى تَعْبُدَ قَبَائِلُ مِن أُمَّتِي الأَوْثَانَ»؛ تَعُودُ عِبَادةُ الأَوثَانِ فِي هَذِه الأمّةِ، يَقولُونَ: لاَ، لاَ يُمكِنُ؛ المُسلِمُون لاَ يَرتَدُّون عَن الدِّينِ، لاَ يُمكِنُ، وعِبَادةُ الأَصنَامِ هَذِه لَيْسَت شِرْكًا، هَذَا تَوَسُّلٌ إِلَى اللهِ، يُسَمُّونَه تَوَسّلاً إِلَى اللهِ، يَعبُدُونَ الأَموَاتَ، وَيَستَغِيثُونَ بِهم، يقُولُونَ: لأِنَّهم يُقَرِّبُونَنا إِلَى اللهِ زُلفَى، وَيَشفَعُون لَنَا عِندَ اللهِ، يسمُّونَه بِهَذا، يُسَمّون الشّركَ بِهَذا الاسْمِ، هَذِه فِتنَةٌ عَظِيمةٌ.

قَولُه صلى الله عليه وسلم: «وَأنَّهُ سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي كَذَّابُونَ ثَلاَثُونَ»، وَهَذِه - أَيضًا - مُصِيبةٌ؛ أَنّه يَظهَرُ نَاسٌ يَدَّعُونَ النُّبُوةَ، وَلاَ نُبُوّةَ بَعدَ مُحَمّدٍ صلى الله عليه وسلم:


الشرح