هَذَا فِي غَيرِ الفِتنَةِ، وَالنّاسُ آمِنُونَ،
دَخَلَ عَلَيكَ لِصٌّ أَو خَائِنٌ، فَهَذَا تَدفَعُه بِأَسهَلِ الدَّفعِ، فَإذَا
لَم يَمتَنِعْ، فَلاَ يُمنَع مِن قَتلِه؛ دَفْعًا لِشَرِّه، أَمَّا فِي الفِتنَةِ،
لاَ، لاَ تَقتُلِ الدَّاخِلَ عَلَيكَ؛ مِثلُ مَن؟ عُثْمَانُ رضي الله عنه
الخَلِيفَةُ الرَّاشِدُ، لمَّا دَخَلُوا عَلَيهِ، أَمسَكَ عَن القَتلِ، وَأَمَرَ
مَن حَولَه أَن يُمسِكُوا، هَذَا الفِقهُ فِي الدِّينِ؛ لأِنَّ هَذَا يُزِيدُ
الفِتنَةَ، انْتَهَى الأَمرُ بِقَتلِه شَهِيدًا رضي الله عنه.
مِثلُ
ابْنَي آدَمَ، لمَّا قَالَ لَه أَخُوهُ: لَأَقتُلَنّك، لَم يَقُم، وَأَخَذَ
السَّيفَ وَقَالَ: أَنَا الّذِي سَأَقتُلُكَ. لاَ، ﴿۞وَٱتۡلُ عَلَيۡهِمۡ نَبَأَ ٱبۡنَيۡ ءَادَمَ بِٱلۡحَقِّ
إِذۡ قَرَّبَا قُرۡبَانٗا فَتُقُبِّلَ مِنۡ أَحَدِهِمَا وَلَمۡ يُتَقَبَّلۡ مِنَ ٱلۡأٓخَرِ
قَالَ لَأَقۡتُلَنَّكَۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلۡمُتَّقِينَ ٢٧لَئِنۢ
بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقۡتُلَنِي مَآ أَنَا۠ بِبَاسِطٖ يَدِيَ إِلَيۡكَ لِأَقۡتُلَكَۖ
إِنِّيٓ أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ٢٨إِنِّيٓ أُرِيدُ أَن تَبُوٓأَ بِإِثۡمِي
وَإِثۡمِكَ فَتَكُونَ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلنَّارِۚ وَذَٰلِكَ جَزَٰٓؤُاْ ٱلظَّٰلِمِينَ
٢٩ فَطَوَّعَتۡ لَهُۥ نَفۡسُهُۥ قَتۡلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُۥ فَأَصۡبَحَ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ
٣٠﴾ [المائدة: 27 - 30]،
والعِيَاذُ بِاللهِ!
فإذَا
كَانَ الوَقتُ وَقتَ فِتنةٍ، فَلا تُدَافِعْ عَن نَفسِك؛ لأِنَّ هَذَا يُزِيدُ
الفِتنَةَ، إِذَا كُنتَ لاَ تُدَافِعُ عَن نَفسِكَ، فَكَيفَ تَدخُلُ أَنتَ فِي
الفِتنَةِ مِن بَابٍ أَولَى؟!
قَولُه
صلى الله عليه وسلم: «فَأَلْقِ ثَوبَكَ عَلَى وَجهِكَ»؛ يَعنِي: استَسْلِمْ؛ لأِنَّ
قَتلَكَ إيَّاه لَن يُفِيدَ شَيئًا، وَلاَ بِكَافٍ الشرَّ، يُزِيدُ الشرَّ شَرًّا.
قَولُه
صلى الله عليه وسلم: «يَبُوءُ بِإِثْمِكَ وَإِثمِهِ»، هَذَا كَمَا فِي الآيَةِ:﴿إِنِّيٓ
أُرِيدُ أَن تَبُوٓأَ بِإِثۡمِي وَإِثۡمِكَ فَتَكُونَ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلنَّارِۚ﴾ [المائدة: 29].