زَادَ ابنُ
مَاجَه: «كَيْفَ أَنْتَ، وَجُوعًا يُصِيبُ النَّاسَ، حَتَّى تَأْتِيَ مَسْجِدَكَ
فَلاَ تَسْتَطِيعَ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى فِرَاشِكَ، وَلاَ تَسْتَطِيعَ أَنْ تَقُومَ
مِنْ فِرَاشِكَ إِلَى مَسْجِدِكَ؟» قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ -
أَوْ مَا خَارَ اللَّهُ لِي وَرَسُولُهُ - قَالَ: «عَلَيْكَ بِالْعِفَّةِ»؟ ([1]).
****
الدِّفَاعُ
عَن النَّفسِ فِي الفِتنَةِ لاَ يَجُوزُ، إذَا كَانَ الدّفَاعُ لاَ يَجُوزُ،
فَكَيفَ بِالبِدَايةِ؛ أَنّكَ تَبدَأُ أَنْتَ؟! لاَ يَجُوزُ؛ لأِنّه يُزِيدُ
الفِتنَةَ فِتنَةً، وَخُذُوا قِصةَ عُثمَانَ رضي الله عنه تَمَامًا.
أمَّا
إذَا كَانَ الوَقتُ وَقتَ أمَانٍ، وَدَخلَ عَلَيكَ لِصٌّ مُعتَدٍ، فَأَنتَ
تَدفَعُه بِالأَسهَلِ، فَالأَسهَلُ، إذَا لَم يَندَفِعْ إلاَّ بِقَتلِه،
فَاقتُلْه.
****
قوله
رحمه الله: «زَادَ ابْنُ
مَاجَه»؛ زَادَ ابنُ مَاجَه فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه رِوَايَة.
إذَا
زَادَت الفِتنَةُ، وَأَصبَحْتَ لاَ تَستَطِيعُ أنْ تَذهَبَ لِتُصَلِّي فِي
المَسجِدِ - لاَ حَولَ وَلاَ قُوّةَ إِلاّ بِاللهِ -، أَو إذَا خَرَجْتَ، لاَ
تَستَطِيعُ أنْ تَرجِعَ لِبَيتِكَ مِن الفِتنَةِ، مَاذَا تَفعَلُ؟
عَلَيكَ
بِالعِفّةِ عَن الدَّمِ، تَعَفَّف عَن الدَّمِ؛ فَإذَا قَتَلُوكَ، فَأَنتَ
شَهِيدٌ.
هذِه
الأَحَادِيثُ كلُّها فِي أنَّ الفِتنَةَ إذَا كَانَت بَيْن المُسلِمِين،
فَالمُسلِمُ يَعتَزِلُها، وَلاَ يَدخُلُ فِيهَا - لاَ بِسَيفٍ، وَلاَ بِلسَانٍ -،
يَعتَزلُها؛ لاَ يُزِيدُ الشرَّ شَرًّا.
****
([1]) أخرجه: ابن ماجه رقم (3958).