×
شرح كتاب الفتن والحوداث

لِيُبيِّنَ رِسَالةَ رَبّه، فَصَادَفَ أَجزَاءَ مِن منَازِلِ الأَوسِ والخَزرَجِ عِندَ جَمرَةِ العقَبَةِ، فَدَعَاهُم إلَى اللهِ، وَقَرَأَ عَلَيهِم قُرآن، تَأمَّلوا، وَقَالُوا: هَذَا الّذِي تَتَهدَّدَكم بِه يهُودُ، فَلاَ يَسْبِقُوكُم إِلَيه، فَأَسلَموا، وَبَايَعُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم البَيعةَ الأُولَى.

ثمَّ رَجَعُوا إلَى بِلاَدِهم يَدعُونَ إلَى اللهِ، يَدعُونَ إلَى الإِسلاَمِ، فَأسلَمَ الكَثِيرُ مِن أَهلِ المَدِينةِ، ثمَّ جَاؤُوا فِي العَامِ القَادِمِ أكثَرَ مِن الّذِين بَايعُوا البَيعةَ الأُولَى، وَبَايعُوا الرّسُولَ صلى الله عليه وسلم علَى أنْ يُهَاجِرَ إِلَيهم، وأنْ يَحمُوه مِن أذَى الكفَّارِ والمُشرِكِين.

الرّسولُ صلى الله عليه وسلم عَاهَدَهم عَلَى الهِجرَةِ، ثمَّ أَذِنَ لأَِصحَابِه بِالهِجرَةِ إِلَى المَدِينَةِ، كَانَت فِي الأَوَّلِ تُسمَّى يَثْرِب، هَذَا اسمُهَا فِي الجَاهِليّةِ، قِيلَ: لأِنَّ فِيهَا الحُمَّى، فهِي تُثَرّبُ أَهلَها بِالحُمَّى، وَقِيلَ: يَثْرِبُ اسمُ الّذِي أَسَّسَها، الّذِي أَسّسَ المَدِينةَ رَجلٌ يُقَال لَه: يَثْرِبُ، سمِّيَت بِاسمِه.

الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم سمَّاها المَدِينَةَ بَدَلَ يَثْرِبَ؛ لأِنَّ هَذَا الاسمَ يَثْرِبَ غَيرُ مَرغُوبٍ فِيهِ، سمَّاها النّبيُّ صلى الله عليه وسلم بِالمَدِينةِ، وسمَّى الأَوسَ والخَزرَجَ بِالأَنصَارِ.

وفِي النِّهايَةِ هَاجَرَ الرّسُولُ صلى الله عليه وسلم، وَلَحِقَ بِأصحَابِه إلَى المَدِينَةِ، واستَقَرَّ فِيهَا صلى الله عليه وسلم، ونَزَلَت علَيه الفَرَائضُ، نَزَلَ عَلَيهِ الصِّيَامُ والزَّكاةُ وفَرَائِضُ الإِسلاَمِ والحَجُّ، لمَّا استَقرَّ بِالمَدِينةِ، وفُرِضَ الجِهادُ، وقَد كَانَ مَمنُوعًا فِي مَكّةَ، ثمَّ فُرِضَ فِي المَدِينةِ، لمَّا قَوِيَ المُسلِمُون، وَصَارَ لهُم دَولَةٌ، فُرِضَ عَلَيهِم الجِهادُ فِي سَبِيلِ اللهِ؛ لِإعلاَءِ كلِمَةِ اللهِ.


الشرح