×
شرح كتاب الفتن والحوداث

﴿وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُمۡ [يونس: 22]؛ أيْ: أَيقَنُوا، ظَنُّوا هُنَا بِمَعنَى: أَيقَنُوا. ﴿أَنَّهُمۡ أُحِيطَ بِهِمۡ [يونس: 22]؛ سَيَهلَكُونَ لاَ مَحَالَةَ.

﴿دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ [يونس: 22]: أَخلَصُوا الدُّعَاءَ للهِ، وَلَم يَدعُوا الأَصنَامَ وَالأَشجَارَ وَالأَحجَارَ؛ لَعِلمِهِم أنَّها لاَ تُنقِذُهم مِن هَذَا الخَطَرِ، وَلاَ تَقدِرُ عَلَى ذَلِك، إِنَّمَا الّذِي يُنقِذُهم هُو اللهُ جل وعلا.

يُخْلِصُون للهِ فِي الشِّدّةِ، واللهُ يَستَجِيبُ لَهُم:

أوَّلاً: مِن وَاسِعِ رَحمَتِه - سبحانه -.

وَثَانيًّا: لأَِنّهم أَخلَصُوا لَه الدُّعَاءَ: ﴿أَمَّن يُجِيبُ ٱلۡمُضۡطَرَّ [النمل: 62]، اللهُ يُجِيبُ المُضْطَرَّ، وَلَو كَانَ كَافِرًا، اللهُ يُجِيبُ المُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ، وَلَو كَانَ كَافِرًا.

﴿دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ فَلَمَّا نَجَّىٰهُمۡ إِلَى ٱلۡبَرِّ [العنكبوت: 65]، انتَكَسُوا - وَالعِيَاذُ بِاللهِ - وَعَادُوا إِلَى شِركِهِم، ﴿إِذَا هُمۡ يُشۡرِكُونَ [العنكبوت: 65].

هَذِه حَالةُ أَهلِ الجَاهِلِيّةِ؛ أَنَّهم إِنّمَا يَدعُونَ فِي الرَّخَاءِ غَيرَ اللهِ، وَإِذَا وَقَعُوا فِي الشّدَّةِ، أَخلَصُوا الدُّعَاءَ للهِ؛ لِعِلمِهِم أنَّه لاَ يَستَجِيبُ الدُّعَاءَ لَهُم فِي هَذِه الحَالَةِ إِلاّ اللهُ.

﴿أَمَّن يُجِيبُ ٱلۡمُضۡطَرَّ إِذَا دَعَاهُ [النمل: 62]؛ لَيْسَ هُنَاكَ أَحدٌ يُجِيبُ المُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ، إلاَّ اللهُ سبحانه وتعالى.

لكِنَّ عَبَدَةَ القبُورِ وَالأَضرِحَةِ وَالأَولِيَاءِ والصَّالِحِينَ؛ فِي حَالَةِ المُسلِمِين الّذِين تَغَيّرت عَقَائِدُهم، وَتَحَوَّلُوا إِلَى عِبَادةِ غَيرِ اللهِ، إِذَا وَقَعُوا فِي شِدّةِ، زَادَ شِركُهُم، صَارُوا يُنَادُونَ الأَولِيَاءَ والصَّالِحِينَ،


الشرح