×
شرح كتاب الفتن والحوداث

قَولُه صلى الله عليه وسلم: «قَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ بُحَيْرَةِ الطَّبَرِيَّةِ؟ قُلْنَا: عَنْ أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ قَالَ: هَلْ فِيهَا مَاءٌ؟ قَالُوا: هِيَ كَثِيرَةُ الْمَاءِ، قَالَ: أَمَا إِنَّ مَاءَهَا يُوشِكُ أَنْ يَذْهَبَ»؛ فِي المُستَقبَلِ يَعنِي.

قَولُه صلى الله عليه وسلم: «قَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ نَبِيِّ الأُمِّيِّينَ مَا فَعَلَ؟»؛ يَعنِي: مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم: ﴿هُوَ ٱلَّذِي بَعَثَ فِي ٱلۡأُمِّيِّ‍ۧنَ رَسُولٗا مِّنۡهُمۡ [الجمعة: 2].

والأُمِّيّ: هُو الّذِي لاَ يَقرَأُ، وَلاَ يَكتُبُ، لاَ يَقرَأُ الكِتَابةَ، ولاَ يَكتُبُ بِالقَلَم، يُسمَّى أُمّيًّا؛ لأِنَّه بَقِيَ عَلَى حَالَتِه وَوُجُودِه يَومَ تَلِدُه أُمّه، لاَ يَقْرَأ، وَلاَ يَكتُبُ، وهَذَا شَأنُ العَرَبِ؛ أُمِّيّون فِي الغَالِبِ، قَلَّ مِنهُم مَن يَقرَأُ ويَكتُبُ.

الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم كَانَ أُميًّا لاَ يَقرَأُ، وَلاَ يَكتُبُ، وَهَذِه مِن حِكمَةِ اللهِ؛ لأِنَّه لَو كَانَ يَقرَأُ ويَكتُب، لَقَالَ النّاسُ: هَذَا الّذِي جَاءَ بِه هَذَا قَرَأَهُ فِي الكُتُبِ؛ أَخبَارُ الأَوَّلِين.

لمَّا جَاءَهم بِهَذا الكِتَابِ العَظِيمِ - القُرآنِ -، بَهَرَهُم كَيفَ أُمِّيٌّ لاَ يَقرَأُ وَلاَ يَكتُبُ، وجَاءَ بِكِتابٍ أَعجَزَ البُلَغَاء والفُصَحَاءِ؟!

كتَابٌ يَشتَمِلُ علَى عُلومٍ عَظِيمةٍ، لاَ يَعلَمُها إِلاّ اللهُ، لاَ يُمكِنُ أنْ يَحصُلَ عَلَيهَا إِنسَانٌ بِالقِرَاءَةِ وَالكِتَابَةِ، إِلاّ أَنَّها وَحيٌ مِن اللهِ سبحانه وتعالى، وَهَذَا مِن مُعجِزَاتِه صلى الله عليه وسلم؛ أنَّه أُمِّيٌّ لاَ يَقرَأُ، وَلاَ يَكتُبُ، وَمَع هَذَا جَاءَ بِكِتابٍ أَعجَزَ الأُمَمَ فِي عُلُومِه، فِي بَلاَغَتِه، فِي لُغَتِه، فِي الأَخبَارِ المَاضِيةِ وَالمُستَقبَلةِ، فِي أَحكَامِه وتَشرِيعَاتِه، هَذِه مُعجِزَةٌ، وَلِذَلِك القُرآنُ هُو المُعْجِزةُ الخَالِدةُ لهَذَا الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم إلَى أنْ تَقُومَ السَّاعةُ.


الشرح