×

إنَّمَا النَّصيحَة: أَن تَتَّصلَ بِولاةِ الأُمورِ شخْصيًّا، أَو كِتابِيًّا، أَو عَن طريقِ بَعضِ الذِينَ يَتَّصلُون بِهم، وَتُبلِّغُهُم نَصيحَتَكَ سِرًّا فِيما بَينك وَبينَهم. ولَيسَ مِن النَّصِيحة أيضًا أَن نَكتُبَ انْتِقادَاتٍ وَندُور بِها عَلى النَّاس لِيوقِّعُوا عَليهَا، وَنَقولُ: هَذهِ نَصيحَةٌ. لا، هَذهِ فَضيحَةٌ، هَذهِ تُعتَبرُ مِن الأُمورِ التِي تُسبِّب الشُّرورَ وَتُفرِح الأعْداءَ وَيتدخَّلُ فِيها أصْحابُ الأهْواءِ.

السؤال: هَل يَسوغُ الاعْترَاضُ عَلى وَلِيِّ الأمْر فِي قَرارٍ مِن القَرارَاتِ إِذا كَان فِيهِ خَطأ أوْ مَعصِيةٌ؟ وَما العَملُ فِي هَذا عِندَ السَّلفِ الصَّالِح؟ أفتُونَا مَأجُورِين.

الجواب: الوَاجِب: طَاعَة وَليِّ الأمْرِ، قَال اللهُ جل وعلا: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ [النساء: 59]، فَالواجِبُ وَالأصْل طَاعةُ وَليِّ الأمْر وَلكنْ إِذا أَمر بِمعصِيَة فَإنَّه لاَ يُطاعُ فِي هَذِه المَعصِيَة؛ لِقولِهِ صلى الله عليه وسلم: «لاَ طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ» ([1]). وَقَالَ عليه الصلاة والسلام: «إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ» ([2]).

وَلكِن لَيسَ مَعنَى ذَلكَ أَنكَ تَخرُجُ عَن طَاعَة وَليِّ الأمْرِ أَو تَشُقُّ عَصا الطَّاعَة، وَلكن لاَ تَعمَل هَذهِ المَعصِيَة وَتُطيعُهُ فِيما سِواهَا، وَتبْقَى عَلَى مُوالاتِهِ وَتحتَ إِمْرَتهِ، وَلا تَخرُجُ عَليهِ وَلا تُحرِّضُ عَليهِ وَلا تَتكلَّم فِيه فِي المَجالسِ وَعندَ النَّاس؛ لأَنَّ هَذا يُحدِث شَرًّا وَفتنةً وَيبغِّضُ النَّاس إِلى وُلاةِ أُمورِهم فِي وَقتٍ الكُفَّارُ يَتألبونَ عَلينَا وَيتربَّصُون بِنا الدَّوائِر، ورُبَّما إِذا عَلِمُوا بِهذا أَنَّهم يَنفثُون سُمومَهم فِي هَؤلاءِ المُتحمِّسِين مِن


الشرح

([1])  أخرجه: أحمد رقم (1095)، والحاكم رقم (5870)، والطبراني في ((الكبير)) رقم (381).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (7145)، ومسلم رقم(1840).