والأشْخَاص الذِين يَنتسِبون إِلى الدَّعْوة يَجبُ أَن
يُنظرَ فِيهم: أَين دَرَسوا؟ ومِن أيْن أَخذُوا العِلم؟ وأيْن نَشَأوا؟ ومَا هِي
عَقيدَتُهم؟ وتُنظرُ أعمالُهم وآثَارُهُم فِي النَّاس، وَماذَا أنْتَجوا مِن
الخَير؟ وَماذا تَرتَّبَ عَلى أعْمَالهم مِن الإصْلاح؟ يَجبُ أَن تُدرَسَ
أَحوَالهُم قَبل أنْ يُغتَرَّ بِأقوالهِم وَمظاهِرِهم.
وَهذا أمْرٌ لا بدَّ مِنه، خُصوصًا فِي هَذا الزَّمان،
الذِي كَثُر فِيه دُعاةُ الفِتنَة، وَقد وَصفَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم
دُعاةَ الفتْنَة بِأنَّهم قَومٌ مِن جِلدتِنا، وَيتكلَّمون بِألسِنتنا - جُزءٌ مِن
حَديثِ حُذيفَة بْن اليَمانِ رضي الله عنه -.
وَالنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا سُئِلَ عَن
الفِتنِ؛ قَال: «دُعَاةٌ على أَبْوَابِ
جَهَنَّمَ مَنْ أَطَاعَهُمْ قَذَفُوهُ فِيهَا» ([1])،
سَمَّاهم دُعاةً! فعلَينَا أَن نَنتَبِه لِهَذا، وَلا نَحشُدَ فِي الدَّعْوةِ
كُلَّ مَن هبَّ ودبَّ، وَكُلَّ مَن قَال: أنَا أدْعُو إلَى اللهِ، وَهَذهِ
جَماعَةٌ تَدعو إِلى اللهِ! لاَ بدَّ مِن النَّظرِ فِي وَاقعِ الأمْر.
وَلا بُدَّ مِن النَّظَر فِي وَاقعِ الأفْرادِ
وَالجمَاعات؛ فَإنَّ اللهَ سبحانه وتعالى قَيَّد الدَّعْوة إلَى اللهِ بِالدَّعوَة
إلَى سَبيلِ اللهِ؛ قَالَ تَعالَى: ﴿قُلۡ هَٰذِهِۦ سَبِيلِيٓ أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ
عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِيۖ وَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ وَمَآ أَنَا۠
مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ﴾ [يوسف:
108]. دلَّ عَلى أَنَّ هُناكَ أُناسًا يَدعُون لِغيرِ اللهِ.
واللهُ تَعالى أخْبَر أنَّ الكُفَّار يَدعونَ إلَى النَّار، فقال: ﴿وَلَا تَنكِحُواْ ٱلۡمُشۡرِكَٰتِ حَتَّىٰ يُؤۡمِنَّۚ وَلَأَمَةٞ مُّؤۡمِنَةٌ خَيۡرٞ مِّن مُّشۡرِكَةٖ وَلَوۡ أَعۡجَبَتۡكُمۡۗ وَلَا تُنكِحُواْ ٱلۡمُشۡرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤۡمِنُواْۚ وَلَعَبۡدٞ مُّؤۡمِنٌ خَيۡرٞ مِّن مُّشۡرِكٖ وَلَوۡ أَعۡجَبَكُمۡۗ أُوْلَٰٓئِكَ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلنَّارِۖ وَٱللَّهُ يَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱلۡجَنَّةِ وَٱلۡمَغۡفِرَةِ بِإِذۡنِهِۦۖ﴾ [البقرة: 221].
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3606)، ومسلم رقم (1847).