الجواب: هَذا لَه أسبَابُه:
السَّبَب الأوَّل:
التَّعَالم والاسْتِغْناء عَن العُلماءِ؛ لأَنَّ كَثيرًا مِن هَؤلاءِ الشَّبابِ
اكْتَفَوا بِمطَالَعَة الكُتبِ مِن غَيرِ مَعرِفَة لِمضمُونَاتِها، فَاكتَفوا
بِالمُطالَعَة، وَاكْتَفوا بالجُلوسِ بَعضُهم مَع بَعضٍ وتَعَلَّم بَعضُهم مِن
بَعض فقط، وَتَركوا العُلماءَ وَزَهِدُوا فِيهم، وَجَهَّلُوهُم فَحُرِموا مِن
العِلمِ، أنْتَ إذَا احْتقرْتَ العَالِمَ فإنَّكَ تُحرَم مِن عِلمهِ. فَكيف بمَن
يَحتَقر العُلمَاء كُلَّهُم؟ هَذا يُحرَم مِن العِلم نِهائيًّا، هَذهِ نَاحِيةٌ.
السَّببُ الثَّاني: بِحكْمِ
تَقارُبِ البُلدانِ، وَوسائلِ الإِعلامِ التِي يُبثُّ فِيها كُلُّ شَرٍّ، وَكُلُّ
فِتنَةٍ، وَكلُّ دِعَايةٍ أثَّرَت فِي عُقولِ كَثيرٍ مِن الشَّبَاب.
السَّبَبُ الثَّالثُ: دُعاةُ
السُّوءِ الذِين يَتخلَّلُون فِي مُجتَمعِنا، وَيأتُون مِن هُنا وهُنَاك، يَحمِلون
أفْكارًا هَدَّامة، وَينشُرونَها بَين شَبابِنا، هَذهِ الأسْباب الثَّلاثَة فِي
نَظري هِي التِي سَبَّبَت انْعِزَال هَؤلاءِ وادِّعَاءَهم أنَّهم عَلى عِلمٍ،
وأنَّ غَيرَهم جُهَّالٌ وَلا يَعرفُون شَيئًا.
السؤال: نَرجُو مِن فَضيلَتِكُم أَن
تُبَيِّنوا لَنا مَوقِفَنَا مِن فُرقَة الشَّبابِ وَطلَبةِ العِلم، حَولَ
مَواضِيعَ تَصُدُّهم عَن طَلبِ العِلمِ، وَتَجعَلُهُم يَنَالونَ مِن بَعضِ
العُلمَاء وَيتعَصَّبونَ لآِخرِين؛ لأَنَّ هَذهِ مَسألَةٌ هَامَّةٌ، وَقَد
تَفَشَّت وَانْتَشَرَتْ بَين طَلبَةِ العِلم؛ فَمَا تَوجيهُكُم فِي ذَلِك؟
الجواب: يَومَ أَنْ كَانَ أَهلُ هَذهِ البِلادِ مُرتَبطِينَ بِعلمَائِهم؛ شَبابًا وشِيبًا، كَانتِ الحَالُ حَسنَةً وَمستقِيمَةً، وَكانَت لاَ تأتِي إِليهِم أَفكارٌ مِن الخَارجِ، وكَان هَذا هُوَ السَّببُ فِي الوَحدَةِ والتَّآلُفِ، وَكَانوا يَثِقُون بِعُلمَائِهِم وَقَادَتِهِم وَعُقَلائِهِم وَكَانوا جَماعةً وَاحدَة، وَعَلى حالٍ طَيبَةٍ، حَتَّى جَاءت الأفكَارُ مِن الخَارِجِ عَن سَبيلِ الأَشخاصِ القَادِمينَ،