×

 السؤال: لَقَد كَثُر المُنتَسِبون إِلى الدَّعْوة هَذهِ الأيَّام، مِمَّا يتطلَّبُ مَعرِفَة أهْلِ العِلمِ المُعتَبرِين، الذِينَ يَقومُون بِتوجِيه الأمَّةِ وشَبابِها إِلى مَنهجِ الحَقِّ والصَّواب؛ فَمَن هُمُ العُلماءُ الذِينَ تَنصحُ الشَّبابَ بِالاستِفَادَة مِنهُم وَمُتابَعة دُروسِهِم وَأشرِطَتِهم المُسَجَّلةِ وَأخذِ العِلم عَنهُم والرُّجُوعِ إلَيهِم فِي المُهمَّاتِ وَالنَّوازِل وَأوقَات الفِتَن؟

الجواب: الدَّعْوةُ إلى اللهِ أمرٌ لا بدَّ منهُ، وَالدِّينُ إنَّما قَام عَلى الدَّعوَةِ والجِهادِ بعْدَ العِلم النَّافِع؛ قَالَ سُبحَانه ﴿إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡحَقِّ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ [العصر: 3].

فَالإيمَان يَعني العِلمَ بِالله سبحانه وتعالى وَبأسْمائِه وَصفاتِهِ وَعبادَتهِ، والعَملُ الصَّالِحُ يَكونُ فرعًا عَنِ العِلم النَّافِعِ؛ لأنَّ العَملَ لا بدَّ أَن يُؤسَّس علَى عِلمٍ.

والدَّعوةُ إلَى اللهِ وَالأمْرُ بِالمعروفِ والتَّناصُحُ بَين المُسلمِين؛ هَذا أمرٌ مَطلوبٌ، وَلكنْ مَا كلُّ أَحدٍ يُحسنُ أنْ يَقُوم بِهذِه الوظَائِف، هَذهِ الأُمورُ لاَ يقُوم بِها إلاَّ أهْلُ العِلمِ وَأهْل الرَّأي النَّاضج؛ لأنَّها أمورٌ ثَقيلَةٌ مهمَّةٌ، لا يَقوم بِها إلاَّ مَن هُوَ مُؤهَّلٌ لِلقِيام بِهَا.

وَمِن المُصيبَةِ اليَومَ أنَّ بَاب الدَّعْوةِ صَار بَابًا وَاسعًا، كُلٌّ يَدخلُ مِنهُ، وَيتسَمَّى بِالدَّعْوةِ، وَقد يَكونُ جَاهلاً لا يُحسنُ الدَّعوة، فَيُفسِد أَكثرَ مِمَّا يُصلِحُ، وَقد يَكونُ مُتحمِّسًا يَأخذُ الأُمورَ بِالعجلَةِ والطَّيشِ، فَيتولَّدُ عَن فِعلِه مِن الشُّرورِ أكَثرُ مِمَّا عَالجَ وَما قَصدَ إصْلاحَهُ، بَل ربَّما يَكونُ مِمَّن يَنتسِبُون لِلدَّعوَة، وَلهم أَغراضٌ وَأهواءٌ يَدْعونَ إليْهَا وَيُريدون تَحقيقَهَا عَلى حِسَاب الدَّعْوةِ، وَتشويشَ أفْكَار الشَّبابِ بِاسمِ الدَّعْوةِ وَالغَيرةِ عَلى الدِّين.


الشرح