السؤال: فِي هَذهِ الأيَّام هُناكَ مَن
يُفتِي النَّاس بِوجُوب الجِهادِ وَيقُولُ: لاَ يُشتَرطُ لِلجهادِ إِمامٌ وَلا
رَايةٌ!! فَما رَأي فَضيلَتكُم فِي هَذا الكَلامِ؟
الجواب: هَذا رَأيُ الخَوَارج.
أمَّا أهْل السُّنةِ فَيقولُون: لاَ بدَّ مِن رَاية وَلا
بُد مِن إِمامٍ. هَذا مَنهَج المُسلِمينَ، مِن عَهدِ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه
وسلم، فَالذي يُفتي بِأنَّه لا إِمامَ وَلا رَايةَ، وكُلٌّ يَتبعُ هَواه، هَذا
رَأيُ الخَوارجِ.
السؤال: هُناكَ مَن يَستشهِد
بِحديثِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: «الْجِهَادُ
مَاضٍ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ» ([1]).
وَيقُول: لِمَاذا العُلَماءُ يَقُولُون: لاَ تَستطِيع الأُمةُ جِهادَ الطَّلبِ فِي
وَقتنَا الحَاضِر؟ وَأنَّ هَذا الوَقت أشْبهُ بِالعهدِ الأوَّلِ المَكِّي؟
وَالنَّبي عليه الصلاة والسلام يَقول: «الْجِهَادُ
مَاضٍ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ»؟
الجواب: نَعَم، الجِهَاد مَاضٍ،
بِمَعنَى أنَّه لَم يُنسَخ. وَلكنْ لاَ بُدَّ أَن تَتَوفَّر شُروطُه وَمقَومَاتُه،
فَهو مَاضٍ، أمَّا إذَا لَم تَتوفَّر شُروطُه وَلا مُقوماتُه فَإنَّه يُنتظَر
حتَّى تَعودَ لِلمسلِمين قوَّتُهم وِإمكَانيَّتُهم واستِعدَادُهم، ثُمَّ يقَاتلون
عَدوَّهم، أنتْ مَعك مَثلاً سَيف أَو بُندقِية، هَل تُقابلُ طَائراتٍ وَقنابِل
وَصواريخ؟؟ لاَ؛ لأنَّ هَذا بأسٌ شَديدٌ.
إِذَا كَان مَعكَ استِعدادٌ يَربو عَلى استِعدادِهم أو مِثلُه تُقابِلهُم، أمَّا إِذا كَان لَيس مَعك شيءٌ فَلا تُقابِلهم، قَال اللهُ تعَالى: ﴿وَلَا تُلۡقُواْ بِأَيۡدِيكُمۡ إِلَى ٱلتَّهۡلُكَةِ﴾ [البقرة: 195]، وَهَذا يَضرُّ بِالمسلِمينَ أكثَر مِمَّا يَنفعُهمْ إِن كَان فِيه نَفعٌ. هَذا فِي جِهاد الطَّلبِ، أمَّا فِي جهَاد الدَّفعِ فإنَّك تُدافِعهُم بِما تَستطِيع.
([1]) أخرجه أبو داود رقم (2532) بلفظ: «وَالْجِهَادُ مَاضٍ مُنْذُ بَعَثَنِي اللهُ إِلَى أَنْ يُقَاتِلَ آخِرُ هذه الأمة الدَّجَّالَ».