×

 وَلا يضُرُّهم مَا يُقالُ فِيهم مِن قِبلِ المنَافِقين وَالذينَ فِي قُلوبِهم مَرض.

السؤال: هَل يَجُوز التَّستُّرُ عَلى مَن أرَادَ بِالمسلِمينَ أَو بِهذِه البِلاد شرًّا، والجِهاتُ الأمنِيَّة تُلاحِقهُ؛ لأنَّنَا سَمعنَا مِن بَعضِ النَّاس أفْتى بِوجوبِ التَّستُّر عَليهِ وحُرمَة الدِّلاَلة عَليهِم؟

الجواب: لا يَجُوز التَّستُّر عَلى مَن يُبيِّت شَرًّا لِلمسلِمين ([1])، بَل يَجبُ عَلى مَن عَلمَ بِحالِه أنْ يُخبرَ عَنه، حتَّى يَسلَم المُسلِمون مِن شَرِّه.


الشرح

([1])  روى البخاري في ((صحيحه)) رقم (2395): حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري قال سالم: سمعت عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول: ((انْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ الأنصاري، يَؤمَّانِ النَّخْلَ الَّتِي فِيهَا ابْنُ صَيَّادٍ، حَتَّى إِذَا دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: طَفِقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ، وَهُوَ يَخْتِلُ أَنْ يَسْمَعَ مِنِ ابْنِ صَيَّادٍ شَيْئًا، قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ؟ وابْنُ صَيَّادٍ مُضْطَجِعٌ على فراشه فِي قَطِيفَةٍ لَهُ فِيهَا رَمْرَمَةٌ أَوْ زَمْزَمَةٌ، فَرَأَتْ أُمُّ ابْنِ صَيَّادٍ النبي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ، فَقَالَتْ لاِبْنِ صَيَّادٍ: أي صَافِ - وَهُوَ اسْمُه -، هَذَا مُحَمَّد، فَتناهى ابْنُ صَيَّادٍ،قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَوْ تَرَكَتْه بَيَّنَ». وأخرجه: مسلم رقم (2931). قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري في شرحه لهذا الحديث (6/174).

لقصة ابن الصياد:

1- اهتمام الإمام بالأمور التي يُخشَى منها الفساد والتنقيب عليها.

2 - وإظهار كَذِب المدعي الباطل وامتحانه بما يكشف حاله.

3 - والتجسس على أهل الريب.

وقال الجويني في كتابه: ((غياث الأمم)): ((إن نبغ في الناس داعٍ في الضلالة، وغلب على الظن أنه لا ينكفُّ عن دعوته وشر غائلته، فالوجه: أن - السلطان - يمنعه، وينهاه، ويتوعده لو حاد عن ارتسام أمره وأباه؛ فلعله ينزجر وعساه. ثم يكِل به موثوقًا به حيث لا يشعر به ولا يراه، فإن عاد إلى ما عنه نهاه بالغ في تعزيره، وراعى حد الشرع، وتحراه. ثم يثنِّي عليه الوعيد والتهديد، ويبالغ في مراقبته من حيث لا يشعر. ويرشح مجهولين يجلسون إليه على هيئات متفاوتات، ويعتزون إلى مذهبه، ويسترشدونه، ويتدرجون إلى التعلم والتلقي منه، فإن أبدى شيئًا أطْلعوا السلطان عليه؛ فيتسارع إلى تأديبه والتنكيل به)). ((غياث الأمم)): ص (169). وقالت اللجنة الدائمة في قرارها حول تفجير العليا: ((والواجب على كل مَن علم شيئًا عن هؤلاء المخربين أن يبلغ عنهم الجهة المختصة)).

وقالت اللجنة الدائمة أيضًا في بيانها عن الخلايا الإرهابية: ونظرًا لما يجب على علماء البلاد من البيان تجاه هذه الأخطار من وجوب التعاون بين كافة أفراد الأمة؛ لكشفها ودفع شرها والتحذير منها وتحريم السكوت عن الإبلاغ عن كل خطر يبيت ضد هذا الأمن.

وقال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله عن الذين فجّروا في حي العليا: وإني أوصي، وأحرض كل من يعلم خبرًا عن هؤلاء أن يبلغ الجهات المختصّة، على كل مَن علم عن أحوالهم، وعلم عنهم أن يبلغ عنهم؛ لأن هذا من باب التعاون على دفع الإثم والعدوان وعلى سلامة الناس من الشر والإثم والعدوان، وعلى تمكين العدالة من مجازاة هؤلاء الظالمين.

ودعا الشيخ صالح بن اللحيدان: عموم المسلمين إلى ضرورة تبليغ الجهات المختصة والمعنية بمن يعرف أنه يخطط لأعمال إرهابية موضحًا أن كل مسلم مسئول عن أمة الإسلام ومطالب بأن يبلغ عن الأخطار - إذا أحدقت، والشرور إذا انبعثت أمورها - للقضاء على المتربصين بأمن البلاد والمعرضين الناس لسفك الدماء، وقال فضيلته: لا يُعذَر أحد، وهو يعلم عمن لهم لهذه الأحداث إذا لم يبلغ.

لأن حماية وصيانة الممتلكات وحراسة الأمن واجب على كل أحد، وإن اختلفت الأحمال والأعباء، ومن قصّر فإنه مسئول عن تقصيره، ومن علم الخطر، ولم يبلغ كأنما شارك في إهلاك الحرث والنسل وإزهاق الأرواح ونشر الخوف. انظر كتابي ((الفتاوى الشرعية في القضايا العصرية)).