السؤال: ما أقسامُ المُرجئةِ؟ مع
ذِكْرِ أقوالهم في مسائلِ الإيمانِ.
الجواب: المُرجِئَة أربعةُ
أقسامٍ:
القسم الأول: الذين
يقولون: الإيمانُ هو مُجرّدُ المعرفةِ، ولو لمْ يحصُلْ تصديقٌ. وهذا قولُ
الجهميّة، وهذا شرُّ الأقوالِ وأقبحُها، وهذا كفرٌ باللهِ عز وجل؛ لأنّ المشركين
الأوَّلينَ وفرعونَ وهامانَ وقارونَ وإبليسَ كلٌّ منهم يعرِفُ اللهَ عز وجل،
ويعرفونَ الإيمانَ بقلوبِهم، لكِنْ لمَّا لَمْ ينطِقُوه بألسنتهم، ولم يَعْمَلُوا
بجوارحِهم لمْ تنفَعْهُمْ هذه المعرفةُ.
القسم الثاني: الذين
قالوا: إنّ الإيمانَ هو تصديقُ القلبِ فقط، وهذا قول الأشاعرةِ، وهذا أيضًا قولٌ باطلٌ؛
لأنَّ الكفارَ يُصَدِّقُون بقلوبِهم، ويعرفون أنّ القرآنَ حقٌّ وأنَّ الرسولَ حقٌّ.
واليهودُ والنَّصارَى يعرفونَ ذلك: ﴿ٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ يَعۡرِفُونَهُۥ
كَمَا يَعۡرِفُونَ أَبۡنَآءَهُمُۘ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ فَهُمۡ لَا
يُؤۡمِنُونَ﴾ [الأنعام: 20] فهُمْ
يصدّقون به بقلوبِهم! قال تعالى في المشركين: ﴿قَدۡ نَعۡلَمُ إِنَّهُۥ لَيَحۡزُنُكَ ٱلَّذِي
يَقُولُونَۖ فَإِنَّهُمۡ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ بَِٔايَٰتِ
ٱللَّهِ يَجۡحَدُونَ﴾ [الأنعام:
33] فهؤلاءِ لمْ ينطِقُوا بألسنتِهم، ولم يعمَلُوا بجوارِحِهم مع أنهم يصدّقون
بقلوبهم فلا يكونونَ مؤمنين.
القسم الثالث: التي تقابلُ الأشاعرةَ، وهم الكرَّاميّة الذين يقولون: إنَّ الإيمانَ نُطْقٌ باللسانِ، ولو لم يعتقد بقلبه، ولا شكَّ أنَّ هذا قولٌ باطلٌ؛ لأنّ المنافقينَ الذين هم في الدَّرْكِ الأسفلِ من النار يقولون: نشهد أن لا إلهَ إلاَّ اللهُ وأنّ محمدًا رسولُ الله بألسنتِهم، ولكنهم لا يعتقدون ذلك ولا يُصدِّقون به بقلوبهم، كما قال تعالى ﴿إِذَا جَآءَكَ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ قَالُواْ نَشۡهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِۗ﴾ [المنافقون: 1]، قال سبحانه وتعالى: ﴿يَقُولُونَ بِأَفۡوَٰهِهِم مَّا لَيۡسَ فِي قُلُوبِهِمۡۚ﴾ [آل عمران: 167].