القسم الرابع: وهي أخفُّ
الفِرَقِ في الإرجاء، الذين يقولون: إِنَّ الإيمانَ اعتقاد بالقلبِ ونُطْقٌ
باللسان، ولا يَدْخُلُ فيهِ العمَلُ. وهذا قول مُرجئةِ الفقهاء، وهو قولٌ غيرُ
صحيحٍ أيضًا.
السؤال: هَلِ خلافُ أهل السُّنّةِ
مع مُرجئةِ الفقهاءِ في أعمالِ القلوبِ أم الجوارح؟ وهل الخلافُ لفظيٌّ أم
معنويٌّ؟ نرجو من فضيلتِكم التفصيل.
الجواب: خلافُ مُرجئة الفقهاءِ مع
جمهور أهل السُّنّة هو اختلاف في العمل الظاهر، كالصّلاة والصيام والحجّ، فهم
يقولون: إنه ليس مِن الإيمانِ، وإنما هو شرط للإيمانِ: إِمَّا شرطُ صِحّةٍ، وإما شرطُ
كمالٍ. وهذا قولٌ غيرُ صحيحٍ كما عرفنا.
والخلافُ بينهم وبين جمهورِ أهل السُّنّة خلافٌ معنويٌّ،
وليس خلافًا لفظيًّا؛ لأنهم يقولون: إِنَّ الإيمانَ لا يزيدُ ولا ينقُصُ بالأعمال،
فلا يزيدُ بالطاعةِ، ولا ينقُص بالمعصية، وإيمانُ النَّاس سواءٌ؛ لأنه عندهم التصديقُ
بالقلبِ مع القولِ باللسان! وهذا قولٌ غيرُ صحيح.
السؤال: ما حُكْمُ مَن تركَ جميعَ
العملِ الظاهر بالكُلِّيَّةِ لكنّه نَطَقَ بالشهادتين، ويُقِرّ بالفرائض لكنه لا
يعمل شيئًا البتة؟ فهل هذا مسلم أم لا؟ علمًا بأن ليس له عُذر شرعِيٌّ منعه من
القيام بتلك الفرائض.
الجواب: هذا لا يكونُ مؤمنًا، مَن كان يعتقد بقلبه، ويُقِرّ بلسانهِ، ولكنه لا يعمل بجوارحِه. عطَّلَ الأعمالَ كُلَّها مِن غيرِ عُذْر، هذا ليس بمؤمنٍ؛ لأنّ الإيمانَ - كما ذكرنا - وكما عرَّفَهُ أهلُ السُّنَّةِ والجماعة أنه: قولٌ باللسانِ واعتقادٌ بالقلبِ وعملٌ بالجوارح. لا يحصُل الإيمانُ إلاَّ بمجموع هذه الأمور، فمن ترك واحدًا منها فإنّهُ لا يكون مؤمنًا.