السؤال: هل تَصِحُّ هذه المقولةُ:
مَن قالَ: الإيمانُ قولٌ وعملٌ واعتقادٌ يزيد وينقص؛ فقد بَرِئَ مِن الإرجاءِ كله
حتى لو قال لا كُفْرَ إلاَّ باعتقادٍ وجُحود.
الجواب: هذا تناقضٌ! إذا قال: لا
كُفْرَ إلاَّ باعتقادٍ أو جُحودٍ؛ فهذا يناقض قولَهُ: إنّ الإيمانَ قولٌ باللسانِ
واعتقادٌ بالقلب وعملٌ بالجوارح، هذا تناقض ظاهرٌ؛ لأنه إذا كان الإيمانُ قولاً
باللسانِ واعتقادًا بالجَنَانِ وعمَلاً بالجوارحِ، وأنه يزيدُ بالطاعةِ، وينقُص
بالمعصية؛ فمعناه: أنَّ مَن تخلَّى عن شيء مِن ذلك فإنه لا يكونُ مؤمنًا. والجحودُ
نوعٌ مِن أنواع الكُفر، وليس الكُفرُ محصورًا فيه.
السؤال: هل هذا القولُ صحيحٌ أمْ
لا: إنَّ مَن سَبَّ اللهَ، وسَبَّ الرسولَ ليس بكُفرٍ في نفسه، ولكنه أمارةٌ
وعلامةٌ على ما في القلبِ مِن الاستخفافِ والاستهانة؟
الجواب: هذا قولٌ باطِلٌ؛ لأنَّ اللهَ حَكَمَ على بعض المؤمنين بالكُفر بعدَ الإيمانِ بمُوجب قولِهم: «مَا رَأَيْنَا مِثْلَ قُرَّائِنَا هَؤُلاَءِ أَرْغَبَ بُطُونًا، وَلاَ أَجْبَنَ عِنْدَ اللِّقَاءِ» ([1]) يَعْنُون رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأصحابَهُ، فأنزلَ اللهُ فيه قولَهُ سبحانه وتعالى: ﴿وَلَئِن سَأَلۡتَهُمۡ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلۡعَبُۚ قُلۡ أَبِٱللَّهِ وَءَايَٰتِهِۦ وَرَسُولِهِۦ كُنتُمۡ تَسۡتَهۡزِءُونَ ٦٥لَا تَعۡتَذِرُواْ قَدۡ كَفَرۡتُم بَعۡدَ إِيمَٰنِكُمۡۚ إِن نَّعۡفُ عَن طَآئِفَةٖ مِّنكُمۡ نُعَذِّبۡ طَآئِفَةَۢ بِأَنَّهُمۡ كَانُواْ مُجۡرِمِينَ ٦٦﴾ [التوبة: 65- 66]، فكَفّرَهُمْ بهذه المقالةِ، ولم يشترطْ في كُفْرِهم أنّهم كانوا يعتقدونَ ذلك بقلوبهِم، بل إنّه حكَمَ عليهم بالكُفر بمُوجب هذه المقالةِ.
([1]) أخرج هذه القصة ابن أبي حاتم رقم (10046)، وابن جرير (1/195-196).