×

السؤال: هناك بعضُ الأحاديثِ التي يَسْتَدِلُّ بها البعضُ على أنَّ مَن ترَكَ جميعَ الأعمالِ بالكُلّيّة فهو مؤمنٌ ناقِصُ الإيمانِ. كحديث «لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَطُّ» وحديث البطاقةِ وغيرها من الأحاديث؛ فكيف الجوابُ على ذلك؟

الجواب: هذا مِن الاستدلال بالمُتشابِه، وهذه طريقةُ أهلِ الزَّيْغِ الذين قال الله سبحانه وتعالى عنهم: ﴿فَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمۡ زَيۡغٞ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَٰبَهَ مِنۡهُ [آل عمران: 7]، فيأخذونَ الأدلة المتشابِهَة، ويتركونَ الأدلةَ المُحْكَمَة التي تُفسّرها وتبيّنُها. فلا بُدَّ مِن رَدّ المتشابِهة إلى المُحْكَم، فيقالُ: مَنْ ترَكَ العملَ لِعُذْرٍ شرعيٍّ، ولم يَتَمَكَّنْ منه حتى ماتَ فهذا معذور، وعليه تُحْمَلُ هذه الأحاديث؛ لأنّ هذا رجل نطقَ بالشّهادتين معتقدًا لهما مُخلصًا لله عز وجل، ثم مات في الحال أو لم يتمكّن مِن العمل، لكنه نطق بالشّهادتين مع الإخلاص لله والتوحيد كما قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ، وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُهُ» ([1])، وقال: «فَإِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ، يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ» ([2])، هذا لم يتمكَّن مِن العمل مع أنه نطقَ بالشّهادتين، واعتقد معناهما، وأخلصَ للهِ عز وجل، لكنهُ لم يَبْقَ أمامه فرصة للعملِ حتَّى ماتَ، فهذا هو الذي يدخلُ الجنة بالشّهادتين، وعليه يُحْمَلُ حديثُ البطاقة وغيره ممّا جاء بمعناه، والذين يُخْرَجُون من النار، وهم لم يعمَلُوا خيرًا قطُّ؛ لأنهم لم يتمكّنوا مِن العمل مع أنهم نطقوا بالشّهادتين، ودخلوا في الإسلام، هذا هو الجمعُ بينَ الأحاديثِ.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (23).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (415)، ومسلم رقم (33).