ثم أيضًا منهج الرَّسُول صلى الله عليه وسلم في الدعوةِ مأخوذٌ مِن سِيرَته ومِن كتاب الله؛ لأنّ اللهَ تعالى يقول: ﴿ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ﴾ [النحل: 125]، ويقول تعالى لنبيِّه صلى الله عليه وسلم: ﴿قُلۡ هَٰذِهِۦ سَبِيلِيٓ أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِيۖ وَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ﴾ [يوسف: 108] ﴿أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ﴾ فيجبُ على الدَّاعية أن يكونَ مُخلصًا في نيَّته، بأن يكونَ قصْدُهُ الدَّعوةَ إلى اللهِ، ليس قصْدُهُ الدَّعوةَ إلى نفسِه أو الدَّعوةَ إلى شخصٍ معيَّنٍ أو منهجٍ معيَّن أو طائفةٍ معيَّنة، وإنما يَقْصِدُ الدَّعوة إلى اللهِ، وإخراجَ النَّاس مِن الظُّلُمات إلى النُّور، ونَفْع النَّاس، هذا قصدُ الدَّاعية المُخْلِص. يقول الشيخ محمد بن عبد الوهّاب رحمه الله تعالى على هذه الآية: ﴿أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ﴾ قال: فيه وجوبُ الإخلاصِ في الدَّعوةِ؛ لأنَّ بعضَ النَّاس إنما يَدْعُو إلى نفسِه، ولا يَدْعُو إلى الله. فالذي يدعُو إلى نفسِه، أو يدعُو إلى طائفةٍ، أو يدْعُو إلى منهجٍ، أو يدْعُو إلى مَتبُوع، لا يدْعُو إلى اللهِ، وإنَّمَا يدْعُو إلى ما دعا إليهِ مِنْ غيْرِ اللهِ. فالواجبُ على الدَّاعيةِ أنْ يكونَ قَصْدُه الإخلاصَ للهِ عز وجل، ويكونَ قصدُهُ نَفْعَ النَّاس وَإِخْراجهم من الظُّلُمات إلى النُّور، لا التحزُّب ولا التّجمُّع مع الطَّوائفِ الأخرى، ولا المُنازَعات ولا الخُصُومات، ولا الانتصار لفلانٍ أو علاّن، وَإنَّما ينتصرُ للحقِّ، ويتَّبعُ منهجَ الحقِّ، هذا هو الذي يَدْعُو إلى اللهِ عَلَى المَنهجِ الصَّحيحِ. الدَّعوة إلى اللهِ بالإخلاصِ، الدَّعوة إلى الله بالحِكْمَةِ والمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ والجِدال بالتِي هِيَ أحْسَنُ، هذا منهج الدَّعوة المُستَفاد مِن كتابِ اللهِ وسُنَّةِ رسُولِه صلى الله عليه وسلم، ومَن سَارَ على هذا المَنهجِ، فهو الدَّاعية إلى اللهِ حقًّا، ومَنْ خالفَ هذا المَنهجَ، فإنه ليسَ داعيةً إلى اللهِ، وإنَّما هو داعيةٌ لِمَا أرادَ مِن الأمورِ الأُخرى،