×

وقال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمۡ وَكَانُواْ شِيَعٗا لَّسۡتَ مِنۡهُمۡ فِي شَيۡءٍۚ إِنَّمَآ أَمۡرُهُمۡ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفۡعَلُونَ [الأنعام: 159] وهذا وعيد شديد في التفرُّق والاختلاف؛ قال تعالى: ﴿وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخۡتَلَفُواْ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ [آل عمران: 105] الإسلام دِين الجماعة ودِين الأُلْفَة والاجتماع، والتفرُّق ليس من الدِّين؛ فتعدُّد الجماعات هذا ليس من الدِّين؛ لأنَّ الدِّين يأمرنا أن نكونَ جماعةً واحدةً، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول: «الْمُسْلِم لِلْمُسْلِمِ كَالْبُنْيَانِ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا» ([1]) ويقول: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كمَثَل الْجَسَدِ الوَاحِد» ([2])، إنّ البنيان وإنّ الجسد شيء واحد متماسك، ليس فيه تفرُّقٌ؛ لأنّ البُنيان إذا تفرَّق؛ سقَطَ، كذلك الجسم إذا تفرَّقَ؛ فقدَ الحياة.

ولا بُدَّ مِن الاجتماع، وأن نكون جماعة واحدةً، أساسُها التَّوحيدُ، ومنهجُها دعوة الرَّسول صلى الله عليه وسلم، ومسارُها على دِين الإسلام، قال تعالى ﴿وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِيلِهِۦۚ [الأنعام: 153] فهذه الجماعات وهذا التفرُّقُ الحاصل على السَّاحة اليوم لا يُقِرُّهُ دِين الإسلام، بل ينْهَى عنه أشدَّ النَّهْيِ، ويأمر بالاجتماع على عقيدة التَّوحيد، وعلى منهج الإسلام؛ جماعة واحدة، وأمة واحدة؛ كما أمرنا اللهُ سبحانه وتعالى بذلك. والتفرُّقُ وتعدُّدُ الجماعات إنما هو من كيدِ شياطينِ الجنِّ والإنس لهذه الأمة؛ فما زالَ الكفَّارُ والمنافقونَ مِن قديم الزَّمان يدسُّونَ الدَّسائس لتفريقِ الأمَّة؛ قال اليهودُ من قبل: ﴿ءَامِنُواْ بِٱلَّذِيٓ أُنزِلَ عَلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَجۡهَ ٱلنَّهَارِ وَٱكۡفُرُوٓاْ ءَاخِرَهُۥ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ [آل عمران: 72]،


الشرح

([1])  أخرجه البخاري رقم (2446)، ومسلم رقم (2585).

([2])  أخرجه البخاري رقم (6011)، ومسلم رقم (2586).