لو
قاله إِنسَان مُتعمِّدًا ارتدَّ عن دِينِ الإسلام، ولكن نقولُ: هؤلاء جُهّال؛ لأنهم
مُجرَّدُ أُدباء أو كُتّاب ما تعلَّمُوا، وقد وجدوا هذه المقالةَ؛ ففرِحُوا بها
يَرُدُّونَ بها على الكُفَّارِ بِزَعْمِهم؛ لأنّ الكُفّارَ يقولونَ: إنّ الإسلامَ
يَمْلِكُ النَّاس، وإِنّه يستَرِقُ النَّاس، وإِنّه وإِنّه...فأرادوا أن يرُدُّوا
عليهم بالجهلِ، والجاهلُ إذا ردَّ على العدُوِّ فإنه يزيدُ العدُوَّ شرًّا، ويزيدُ
العدُوَّ تَمَسُّكًا بباطلِهِ. الرّدُّ يكُونُ بالعِلم ما يكونُ بالعاطفة، وما
يكونُ بالجهلِ، بل يكونُ الرّدُّ بالعلمِ والبُرْهان، وإلا فالواجبُ أنّ الإِنسَان
يَسْكُتُ، ولا يتكَلَّمُ في أمور خطيرةٍ، وهو لا يعرِفُها.
فهذا الكلامُ باطلٌ، وَمَنْ قالَهُ متعَمِّدًا فإنهُ يكْفُر، أمّا مَن قاله جاهلاً أو مقلّدًا فهذا يُعْذَر بالجهلِ، والجهلُ آفةٌ قاتلةٌ - والعياذُ بالله -، فالإسلامُ أقرَّ الرِّقَّ، والرِّقُّ قديمٌ قبْلَ الإسلامِ، موجودٌ في الديانات السَّماويَّةِ ومستمِرٌّ ما وُجِدَ الجهادُ في سبيل اللهِ، فإنّ الرِّقَّ يكونُ موجودًا؛ لأنه تابِعٌ للجهادِ في سبيلِ الله عز وجل وذلك حُكْمُ الله جل وعلا ما فيه مُحاباة لأحدٍ، ولا فيه مُجاملة لأحد، والإسلامُ ليسَ عاجزًا أن يُصرِّحَ، ويقول: هذا باطِلٌ، كما قال في عبادةِ الأصنام، وكما قال في الرِّبَا، وكما قال في الزِّنا، وكما قال في جرائم الجاهليّة. الإسلامُ شُجاعٌ ما يتوقّف ويُجامِلُ النَّاس؛ بل يُصرِّحُ بِرَدّ الباطل، ويُبْطِلُ الباطِلَ. هذا حُكْمُ الله سبحانه وتعالى فلو كانَ الرِّقُّ باطلاً ما جاملَ النَّاس فيه، بل قال هذا باطلٌ، ولا يجوزٌ؛ فالرِّقُّ حُكْمٌ شَرْعيّ باقٍ ما بَقِيَ الجهادُ في سبيلِ الله شَاءُوا أم أبَوْا، نعَمْ، وسبَبُ الرِّقِّ هُو الكُفْرُ باللهِ، فهُوَ عُقُوبَةٌ لِمَنْ أصَرَّ علَى الكُفْرِ، واستَكْبَرَ عَنْ عِبَادَةِ اللهِ عز وجل، ولا يرْتفِعُ إلاَّ بالعِتْقِ.