ليس عندَه بدعة، وأمَّا المُبتدِع فالواجِبُ التحذيرُ منه حتى يَحْذرَه النَّاس وحتى ينقمِعَ هو وأتباعُه وأما كونُ عندَه شيءٌ من الحَقِّ لا يُبرِّرُ الثناءَ عليه؛ لأنَّ المَضَرَّةَ التي تحصُلُ بالثناءِ عليه أكثرُ من المصلحةِ لِما عندَه من الحَق، ومعلومٌ قاعدةُ الدِّينِ أنَّ درءَ المفاسدِ مُقدَّمٌ على جلْبِ المَصَالح، وفي مُعَاداةِ المُبتدِع درءُ مفسدَةٍ عن الأُمةِ تُرجَّح على ما عندَه من المصلحةِ المَزعومةِ إنْ كانت، ولو أخذْنا بهذا المَبدأ لمْ يُضلَّلْ أحدٌ ولم يُبدَّعْ أحد؛ لأنه ما من مبتدِعٍ إلاَّ وعندَه شيءٌ من الحَق، وعندَه شيءٌ من الالتزام، المبتدِع ليس كافرًا مَحْضًا ولا مُخالِفًا للشَّريعةِ كلِّها وإنَّما هو مبتدِعٌ في بعضِ الأُمورِ أو في غالبِ الأُمور، وخُصوصًا إذا كان الابتداعُ في العقيدةِ وفي المنهجِ فإنَّ الأمرَ خطير، ومن حينئذٍ تنتشرُ البدعُ بالأُمةِ ويَنشَطُ المُبتدِعة في ترويجِ بدعِهم، فهذا الذي يمدَحُ المُبتدِعةَ ويُشبِّهُ على النَّاس بما عندَهم من الحَقِّ هذا لا يخلُو من أمرين إمَّا أنَّه جاهلٌ بأمرِ البدعةِ وجاهلٌ بمنهجِ السلفِ وموقفِهم من المُبتدِعة، وهذا الجاهلُ لا يجوزُ أنْ يتكلمَ ولا يجوزُ للمسلمين أن يَستَمعوا له، وإمَّا أنَّه مُغرِض، يعرفُ خطرَ البدعةِ ويعرفُ خطرَ المبتدعةِ ولكنَّه مُغرِضٌ يريدُ أنْ يُروِّجَ للبدعةِ فعَلى كلِّ حالٍ هذا أمرٌ خطيرٌ وهذا أمرٌ لا يجوز، ولا يجوزُ التَّساهُلُ في البِدعةِ وأهلِها مهما كانت، ولكن لا بُدَّ من ثُبوتِ أنه مبتدعٌ لأنَّ بعضَ الإخوةِ لا يعرِفُ ضوابطَ البدعةِ ويحكمُ على الأشياءِ وعلى الأشخاصِ دونَ معرفةِ ضوابطِ البدعةِ وضوابطِ الحكمِ على الشخصِ بأنَّه مُبتدِع.