×

 إلاَّ من كان عالمًا بما يدعو إليه؛ لأن الدَّعوةُ تحتاجُ إلى فقه، يكون تبليغُ المعاني معاني النصوص وشرحُها وتوضيحُها للنَّاس، بخلافِ النوعِ الأولِ هذا باستطاعةِ كلِّ واحدٍ يحفظُ شيئًا من كتابِ اللهِ أو سُنةِ رسولِه أن يُدرِّسَه للنَّاس، هذا طيِّبٌ، أن يجلسَ للنَّاس يُدرِّسُهم يُحفِّظهم القرآنَ يُحفِّظهم الأحاديثَ يُحَفِّظهم المتون، هذا طيِّبٌ جدًّا لكن نقولُ له لا تشرحْ للنَّاس المعاني وأنت ما عرفتَها.

السؤال: ما هي الصفةُ والكيفيةُ لدعوةِ الأنبياءِ عليهم الصلاةُ والسلامُ أي: كيف كانوا يدعون أقوامَهم؟

الجواب: يدعون أقوامَهم كما ذكرَ اللهُ سبحانه وتعالى يبدؤونهم بالدَّعوةِ إلى توحيدِ اللهِ ثم يُتْبعُونها ببقيةِ أوامرِ الشريعةِ شيئًا فشيئًا، وأيضًا يدعون النَّاس بالحكمةِ والموعظةِ الحسنةِ والجدالِ بالتي هي أحسن هذه طريقةُ الأنبياءِ -عليهم الصلاةُ والسلامُ- لا بطريقِ العنفِ أو بطريقِ الشدةِ والتَّنفيرِ وإنَّما بطريقِ التَّيسيرِ وبطريقِ الترغيبِ إلاَّ من عَاندَ بعد البيانِ فهذا له حكمٌ آخر، وهذا بيَّنه اللهُ في سورةِ النحل في آخرِها ﴿ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ [النحل: 125] يقولُ الإمامُ ابنُ كثيرٍ وكذلك ابنُ القيِّمِ في معنى هذه الآية: إنَّ فيها بيانَ مراتبِ الدَّعوة الجاهل يُدعَى بالحكمة، الذي يقعُ في الخطأ عن جهلٍ هذا يُدعَى بالحكمةِ يعني بالرفقِ واللِّينِ لأنه جاهلٌ لا يدري، بحيثُ لو بيَّنْت له الحكمَ يَقبلُ ولا يُعانِد، هذا بالحكمة.

المرتبة الثانية: الموعظة، إنسانٌ بيَّنتَ له ولكنه تكاسَل، هو ما عارَضَ ولكنه تكَاسَل في التنفيذ، هذا يحتاجُ إلى موعظة، تقولُ له يا فلانُ اتَّقِ اللهَ أنتَ الآن عرفْتَ الحكمَ بادِرْ بالعملِ لا تتكاسَل، هذا يحتاجُ موعظة.


الشرح