×

المرتبة الثالثة: الجدال، إنسانٌ عرَفَ الحقَّ وتركَه لا عن كسلٍ وإنَّما تَركَه عن شُبهةٍ يُجادِلُ بها، يقول: لا، ما هو بحرام هذا الشيء، أنتَ تقول له هذا الشيء حرام وهو يقولُ: لا، ما هو بحرام، تقولُ له: هذا الشيءُ واجبٌ، يقولُ: لا، هذا الشيءُ ما هو بواجب. هذا يحتاجُ إلى جِدال، يعني ما كفاه البيانُ وإنَّما يُثيرُ شُبَهًا ويُعارِض، هذا يحتاجُ إلى جدالٍ لكن يُجادَل بالتي هي أحسن، إلاَّ إذا تبيَّن أنه معانِدٌ وأنه لا يريدُ الحَقَّ فهذا يُقامُ عليه حكمُ اللهِ سبحانه وتعالى بالقتلِ أو بالتأديبِ ﴿وَإِنۡ عَاقَبۡتُمۡ فَعَاقِبُواْ بِمِثۡلِ مَا عُوقِبۡتُم بِهِۦۖ [النحل: 126] قال تعالى ﴿وَلَا تُجَٰدِلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ إِلَّا بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ إِلَّا ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنۡهُمۡۖ [العنكبوت: 46] الذين ظلموا: الذين رفضوا قبولَ الحقِّ بعد معرفتِه، هؤلاء يُقاتَلُون، قال تعالى: ﴿قَٰتِلُواْ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلَا بِٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ ٱلۡحَقِّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ حَتَّىٰ يُعۡطُواْ ٱلۡجِزۡيَةَ عَن يَدٖ وَهُمۡ صَٰغِرُونَ [التوبة: 29].

هذه مراتب الدَّعوة: أولاً بالحكمة، ثانيًا بالموعظة، ثالثًا بالجدال بالتي هي أحسن، رابعًا بالعقوبةِ لمن عانَد بعد المعرفةِ وبعد البيان.

السؤال: سمعْتُ شريطًا يقولُ صاحبُه: إن خُطباءَ هذا الزمانِ بلاءٌ على الأُمةِ؛ فتجدُهم يتكلمون في الخُطبةِ عمَّا فوقَ السماءِ كالجَنة، وعمَّا تحتَ الأرضِ كالنارِ وعذابِ القبرِ، ويتركون الأحداثَ الساخنةَ على وجهِ الأرض. فما حُكمُ هذا القول؟

الجواب: اللهُ جل وعلا عرَّفَ بالجنةِ والنار، رغَّبَ في الجنة، وحذَّرَ من النار، ووعَظَ النَّاس، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم كان يُذكِّرُ النَّاس بالجنةِ والنار، ولا يمنعُ هذا أن يُنبِّهوا على الأحداثِ التي تَجري ويُحذروا من شرِّها،


الشرح