المُفيدةِ وتُفَهِّمُهم إيَّاها وتَحُثُّهم على
العملِ بها هذا هو المطلوب، وهذه هي التربيةُ والتعليمُ الصحيح، أمَّا الرِّحلاتُ
وأمَّا الأناشيدُ وأما هذه الأمورُ فإنَّها تَزيدُهم جَهلاً أو تُطمِّعُ فيهم
أصحابَ الدَّعواتِ الضَّالة.
السؤال: هل يجوزُ تذكيرُ النَّاس
وهم في المَقبرةِ بالدعاءِ للمَيِّتِ بالمغفرةِ والتَّثبيت، ودعوةُ النَّاس بأنْ
يشهدوا له بالخير، فإني سمعْتُ أحدَهم يقول: إن هذا غيرُ جائز، وإنَّما الشهادةُ
للميِّتِ كانتْ خاصةً في زمنِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم بدليلِ مرورِ الجِنازةِ
ووضعِه عليه السلام جريدًا على قبرِ المُعذَّبين؟
الجواب: الموعظةُ عندَ القبرِ غيرُ
مشروعةٍ بصفةٍ دائمة؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يُداومْ عليها، وإنَّما
فَعلَها مرةً بسبب، وهو أنَّ القبرَ لم يُلحَد، فبدل أن يجلِسوا ويسكتوا يُستحَبُّ
موعظتُهم وتذكيرُهم، كما فعلَ النبي صلى الله عليه وسلم، لما انتهوا إلى القبرِ
ولم يُلحَد، جلس صلى الله عليه وسلم وجلسَ أصحابُه حولَه كأنَّما على رؤوسِهم
الطيرُ من الخُضوعِ والتَّأدُّبِ مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فالرسولُ
وَعظَهم، فإذا حصَلَ مثلُ هذا بعض الأحيان، ولسببِ أنَّ القبرَ يحتاجُ إلى إصلاح،
هذا لا بأسَ به، به اقتداءٌ بالرسول صلى الله عليه وسلم، أمَّا المُداومةُ على
الموعظةِ وجَعلُها سُنَّةً دائمةً من غيرِ سببٍ فهذا لم يَرِدْ عن الرسول صلى الله
عليه وسلم.
وأمَّا الدعاءُ للميتِ بعدَ الدَّفن، هذا واردٌ وصَحيح، أنَّهم بعد دفنِه يقِفون على قبرِه، ويستغفرون له، ويسألون له التَّثبيت، كما قال صلى الله عليه وسلم لما دفنوا ميتًا: «اسْتَغْفِرُوا لأَِخِيكُمْ، وَاسْأَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ؛ فَإِنَّهُ الآْنَ يُسْأَلُ» ([1]) هذا سُنَّة، وأمَّا الشهادةُ له فلا يُشهَدُ لأحدٍ إلاَّ من شهِدَ له
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (3221)، والحاكم رقم (1372)، والبيهقي رقم (6856).