أمامَ اللهِ جل وعلا، وكما سمعْتم في الحديث: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ»، فإذا كنتم تستطيعون الإنكارَ بالبيانِ بيِّنوا، إذا كنتم لا تستطيعونَ الإنكارَ بالبيانِ فأنكِروا بقلوبِكم، وقوموا بما تستطيعون ولا يُكلِّفُكم اللهُ أكثرَ من ذلك حتى يُهيئَ اللهُ سبحانه وتعالى لكُم فَرَجًا ومَخرجًا، النبي صلى الله عليه وسلم كان في مكةَ وكانت عبادةُ الأصنامِ مُنتشرَةً في مكةَ حتى على الكعبةِ كان عليها ثلاثمائةُ وستون صنمًا، وكان صلى الله عليه وسلم يدعو النَّاس إلى التوحيدِ ويُحذِّرُهم من الشِّركِ ولكنه لم يتعرَّضْ لهذه الأصنامِ بالإزالةِ أو التغييرِ باليد؛ لأنَّه لم يُؤْمرْ بذلك حتى هاجرَ إلى المدينة، فلمَّا هاجرَ إلى المدينةِ وصار له دارُ هجرة، وصار له أنصارٌ وجيشٌ وجُندٌ غَزا الكفارَ والمشركين وقاتَلَهم حتى ظهرَ دينُ اللهِ عز وجل لكن يوم كان في مكةَ كان صلى الله عليه وسلم مُقتصِرًا على الدَّعوةِ والبيانِ فقط، وكان أصحابُه الذين أسلموا يُؤذون حتى هو صلى الله عليه وسلم يُؤذَى ونالَه من الأَذى في مكةَ الشيءُ الكثيرُ فصَبَر صلى الله عليه وسلم وانتظرَ الفَرَجَ ولم يُقابلِ الكفارَ باليدِ ويقابلْهم بالفعل؛ لأنه لو فعلَ ذلك حصَلَ مفسدةٌ أعظم، حتى صار له عليه الصلاة والسلام بلد، وصار له أنصارٌ وصار له جُند، حين ذاك قاتلَ المشركين بأمرِ اللهِ سبحانه وتعالى، فأنتم في بلدِكم على ما وصفت اعملوا ما تستطيعون، والذي لا تستطيعونه فإنكم مَعذُورون بتركِه.