×

هذا الصحابي؛ مثلما يفعلُ بعضُ الجُهال، حتى إن بعضَهم يقول: هذه رِدَّةٌ وهو مُرتدٌّ والعياذُ بالله، هذا لا يجوز، اللهُ يعذرُه، والرسول صلى الله عليه وسلم يعذرُه، وأنت تقول: إنَّه مُرتَد، أو إنَّه منافقٌ نفاقًا أكبر.

وحاطبُ بنُ أبي بَلْتَعة رضي الله عنه أولاً إنَّ له من السوابقِ ما كفَّرَ اللهُ به عنه؛ لأنه من أصحابِ بدر، قد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ» ([1]) فهو رضي الله عنه مؤمنٌ صادقٌ الإيمان، ولكنه فعل ما فعل من بابِ التأوُّلِ لنفسِه، وظنَّ أن هذا ما يضر المسلمين وأن فيه نفعًا له عندَهم، فهو فعلَه من بابِ التأويل، لذلك الرسولُ صلى الله عليه وسلم لم يكفِّره؛ لأنه صحابيٌّ جليلٌ حصَل منه خطأ عن تأويل، وله سابقةٌ كفَّرَت عنه ما حصَل.

السؤال: ما حدُّ الإكراهِ الذي لا يكونُ من وقَعَ فيه مُرْتَدًّا؟ وهل هناك أنواعٌ للإكْرَاه؟

الجواب: الإكراهُ يختلفُ باختلافِ الأحوالِ قد يكونُ إكراهًا في شيءٍ ولا يكونُ إكراهًا في شيءٍ آخر، فالإكراهُ يختلفُ باختلافِ مواقعِه، ولكن الإكراهَ الذي يُعذَر به هو الذي لا يمكنُ التخلُّصُ منه ولا يمكنُ السلامةُ من القتلِ أو من الضَّربِ أو من التهديدِ إلاَّ بالتلَفُّظِ بما يُطلَبُ منه، كتلفُّظِه بكلمةِ الكفرِ مثلاً، إذا كان لا يمكنُه أن يتخلصَ من بطشِ الظالمِ إلاَّ أن يتلفظَ به بشرطِ أن يكونَ قلبُه مطمئنًا بالإيمان، قال تعالى ﴿إِلَّا مَنۡ أُكۡرِهَ وَقَلۡبُهُۥ مُطۡمَئِنُّۢ بِٱلۡإِيمَٰنِ [النحل: 106].


الشرح

([1])  أخرجه البخاري رقم (3007)، ومسلم رقم (2494).