السؤال: يُلاحظ على شبابِ الصَّحوةِ
حَماسٌ شديدٌ في القيامِ بالدَّعوةِ مِمَّا يُسْمَعُ مِن عِظَمِ أجْرِ الدَّاعية،
ثُمّ سَرْعَانَ ما يزُول ذلِكَ الحماسُ، فما هو توجِيهُكم في ذلك؟
الجواب: أنا لِيَ تحفُّظٌ على
استعمالِ هذه الكَلِمة «الصَّحوة
الإسلامِيّة» وقد نَشرْتُ في الصُّحُف أكْثَرَ مِن مَرةٍ، أُطالِبُ بِترْكِ
هذهِ العباراتِ؛ لِمَا فيها مِن جُحُودٍ لِجُهود العُلَماء المُصْلِحين
المُستمِرَّة في كُلِّ زَمانٍ، وجُحُودٍ للبقايا الصَّالِحة مِن هذه الأُمّة، التي
لا تَخلُو مِنها الأرضُ إلى قيامِ السّاعة، والحماس للدّعوة طيِّبٌ، والإِنسَان قد
يكون فيه رغبةٌ إلى فِعْلِ الخيرِ وإلى الدّعوة، لكن لا يجوزُ له أن يُباشِرَ الدُّخُول
في الدّعوة إلاَّ بعد أن يتعلَّمَ، ويعْرِفَ كيف يدعو إلى الله عز وجل، ويعرِف
طُرُق الدّعوة، ويكون عنده عِلْمٌ بِما يدعو إليه: ﴿قُلۡ هَٰذِهِۦ سَبِيلِيٓ أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ
عَلَىٰ بَصِيرَةٍ﴾ [يوسف:
108] يعني: علَى عِلْم.
فالجاهِلُ لا يَصْلُح للدّعوةِ، لابُدَّ أن يكونَ عنده
عِلْمٌ وإخلاصٌ وصبْرٌ وتحمُّلٌ وحِكْمةٌ، ولابُدّ أن يعرِفَ طُرُقَ الدّعوةِ
ومناهِجَ الدّعوة التي جاء بها الرسولُ صلى الله عليه وسلم.
أما مُجرّد الحَماس، أو مُجرّد المَحبّة للدّعوة، ثُمّ يُباشِر الدّعوة، هذا في الحقيقة يُفسِد أكثَرَ مِمّا يُصلِح، وقد يقع في مشاكل، ويُوقِع النَّاس في مشاكل، فهذا يكفيه أن يُرغِّبَ في الخيرِ، ويُؤْجَرُ عليه - إن شاء الله لكن إِن كان يُريد الدُّخولَ في مجالِ الدّعوةِ فلْيَتَعَلَّمْ أوّلاً، ما كُلُّ واحدٍ يصْلُح للدّعوة، وما كُلّ مُتحمِّس يصْلُح للدّعوةِ، التحَمُّسُ مع الجهلِ يضُرُّ ولا ينفعُ.