حاولون أن يَدْخُلُوا عليهم بالخَلَلِ شيئًا
فشيئًا؛ حتَّى يُصَابُوا بالنَّقْصِ العظيم في دينهم.
فَشَيَاطِينُ
الإنس والجِنِّ دائمًا يَحْرِصُونَ على صدِّ المؤمنين عن دِينِ الله، أو على
تَزْيِينِ الشُّبُهَاتِ والشَّهَوَاتِ لهم؛ حتَّى يَنْقُصَ الإِيمَانُ في قلوبهم،
وحتَّى يَكْثُرَ الانْحِرَافُ في سُلُوكِهِم، وبالتَّالِي يَسْهُلُ عليهم إخراجُهم
من الدِّين بالكلِّيَّة.
فالدَّعوَةُ
إلى الله عامَّةٌ في كلِّ الخَلْقِ؛ مُؤْمِنِهِم وَكَافِرِهِم، وكلٌّ يدعى إلى
الله حَسَبَ وَاقِعهِ، وَحَسَبَ مَا حَصَلَ فيه مِنَ الخَلَلِ في عبادة الله عز
وجل حتَّى العلماء يَحْتَاجُونَ إلى الدَّعوَةِ للعمَلِ بِعمَلِهِم، والقِيَامِ
بما أَوْجَبَ اللهُ عليهم، وَنَشْرِ علْمِهِم.
فَلَيْسَ
أَحَدٌ يَسْتَغْنِي عن الدَّعوَةِ إلى الله؛ لا العالِمُ، ولا الجَاهِلُ، ولا
المُؤْمِنُ، ولا الكَافِرُ، ولكن كُلٌّ يُدْعى بِحَسَبِ حَالِهِ.
فالنَّبِيُّ
صلى الله عليه وسلم حِينَمَا بَعثَ مُعاذًا رضي الله عنه إلى اليَمَنِ قال له: «إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ
الْكِتَابِ، فَادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَنِّي
رَسُولُ اللهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ
افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ
أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً
تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ»([1]).
فَهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ وَأَهْلُ علْمٍ، ومع هذا فإنَّهم بِحَاجَةٍ إلى الدَّعوة إلى الله عز وجل لِمَا أَصَابَهُمْ من الانحراف، فَهُمْ بِحَاجَةٍ إلى الدَّعوَةِ، فكيف بالعاصي؟! قال الشَّيْخُ الإمام محمَّد بن عبد الوهَّاب رحمه الله عند أهل
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1496)، ومسلم رقم (19).