فَإِنِ اسْتُجِيبَ لَهُ حَصَلَ لَهُ من الأجر
مِثْلُ أجور من استجاب له، وَمَنْ تَبِعهُ، إلى يوم القيامة، وإن لم يُسْتَجَبْ
له، فَإِنَّهُ أدَّى الوَاجِبَ علَيْهِ، وَبَرَّأَ ذِمَّتَهُ مِنَ المَسْئُولِيَّةِ،
وَحَصَلَ علَى أَجْرِ الدَّعوة والبلاغ.
وأمَّا
الثِّمارُ الَّتي يَحْصُلُ عليها المَدْعو فَهِيَ عظِيمَةٌ جِدًّا؛ إذا يَسَّرَ
اللهُ، وَاهْتَدَى هذا المَدْعوُّ، وَتَابَ إلى الله عز وجل فَإِنَّهُ يخرج من
الظُّلمات إلى النُّور، وَمِنَ الضَّلال إلى الهِدَايَةِ، وَيَكُونُ عمَلُهُ
صحيحًا مفيدًا بَدَلَ أن كان على عمَلٍ ضَالٍّ، وَعمَلٍ فَاسِدٍ يَرْجِع عليه
بِالبَوَارِ.
إذا
دُعيَ إلى الله وَاسْتَجَابَ وَقَبِلَ وَعادَ إلى الحَقِّ، فإنَّه يَكُونُ على
بَصِيرَةٍ، وَتَصِحُّ أَعمَالُهُ، وَتُغْفَرُ له ذُنُوبُهُ، فَيَكُونُ المَدْعوُّ
قد استفاد فَائِدَةً عظِيمَةً.
وقد
جاء في وَصْفِ هذه الأمَّة عند قَوْلِهِ تَعالَى: ﴿كُنتُمۡ خَيۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ
تَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَتَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ﴾
[آل عمران: 110] قال: تَجِيئُونَ بهم في السلاسل - يَعنِي الكفَّارَ - مصفَّدين
أَسْرَى فَيَتُوبُون إلى الله، فَيَدْخُلُونَ الجنَّة؛ في الأوَّل يكون كارهًا،
ثمَّ يَقْبَلُ الحَقَّ، فَيَدْخُلُ الجَنَّةَ يُجَرُّ إليها بالسَّلاسِلِ.
وَفِي
الأَثَرِ: «عَجِبَ اللَّهُ مِنْ قَوْمٍ
يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِسَلاَسِل» ([1])
فالجنَّة كُلٌّ يُريدُهَا، لَكِنْ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَعمَلُونَ أَعمَالاً
تُبْعدُهُمْ عنْهَا، وَيُكَابِرُونَ فِي قَبُولِ الأَعمَالِ الصَّالحة.
فإذا يسَّر الله قُوَّةً مُجَاهِدَةً مِنَ المسلمين وَقَاتلت الكفَّار وَحَصَلَ منهم أَسْرَى، فإنَّ هؤلاء الأَسْرَى حَرِيٌّ بهم أن يُرَاجِعوا صَوَابَهم، وَأَنْ يُفَكِّرُوا فِي أَمْرِهِمْ، فَيَتُوبُوا إلى اللهِ عز وجل فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا فِي نَجَاتِهِمْ مِنَ النَّارِ، ودخولهم الجنَّة.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3010).