ولو أنَّ المسلمين سَلَكُوا هذا المَسْلَكَ، لم يَحْصُل
اختلاف في العقيدة، ولكن حينما نَبَتَتْ نَابِتَةٌ خرجت على هذا الأصل، حَصَلَ
الاختلاف في أمور العقيدة، وأيضًا هناك أحكام ليست مجالاً للاختلاف نَصَّ الله على
حُكْمِهَا في كتابه؛ كوجوب الصَّلاة والزَّكاة وصوم رمضان وحَجِّ بيت الله الحرام
وَبِرِّ الوالدين وَصِلَةِ الأرحام وغير ذلك.
فهذه
الأمور معروفة من الشَّرع، حُكْمُهَا لا يحتاج إلى اجتهاد، وإنَّما يُتَلَقَّى
حُكْمُه مِنَ الشَّرْع.
وهناك
محرَّمات نَصَّ الله على تحريمها؛ فلا مَجَالَ للبحث في حُكْمِهَا، وإنَّما
يُسَلِّمُ لِحُكْمِهِ الَّذي بَيَّنَهُ الله؛ فاللهُ حَرَّمَ الشِّرْكَ، وَحَرَّمَ
الرِّبَا، وَحَرَّمَ الزِّنَا، وَحَرَّمَ الفواحش ما ظهر منها وما بَطَنَ،
وَحَرَّمَ الخَمْرَ، وحرَّم الغِيبَةَ، والنَّميمة، وحرَّم المَيْتَةَ، ولحم
الخنزير. كُلُّ هذه محرَّمات لا مَجَالَ للبحث فيها، بل يجب التَّسليم بها.
أمَّا
الأمور الَّتي هي مَجَالٌ للاجتهاد، وهي الأمور الَّتي لم يَنُصَّ اللهُ على
حكمها، وإنَّما تستنبط أحكامُهَا من الأدلَّة، فهذه وظيفة العلماء الرَّاسخين في
العلم؛ البَحْثُ فيها، فنستبعد العوامَّ والمبتدئين في طَلَبِ العلم من الدُّخول
في مجال الاجتهاد والاختلاف؛ لأنَّهم لَيْسُوا أَهْلاً لذلك.
وإنَّمَا
سَبِيلُهُمْ سُؤَالُ أَهْلِ العلم؛ قال تعالى: ﴿فَسَۡٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ﴾ [النحل: 43] أمَّا أَهْلُ العلم الرَّاسخون فيه، فلهم
أن يَجْتَهِدُوا في الأمور الَّتي لم ُينَصَّ على حُكْمِهَا في كتاب الله، أو
سُنَّةِ رسوله صلى الله عليه وسلم بِحَسَبِ ما أعطاهم الله مِنَ العلم
والمَدَارِكِ.
وَنَظَرًا لأنَّ الأدلَّة تَحْتَمِلُ هذا الاجتهاد وهذه الآراء، ولكن مَنْ علِمْنَا