×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثالث

وكذلك يقول سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٞ [الحجرات: 10] فَجَعلَ الله المؤمنين إِخْوَةً بموجب الإيمان، والإيمان هو العقيدة الصَّحيحة، فهذه توجب الأُخُوَّةَ بَيْنَ المؤمنين أُخُوَّةً أَقْوَى مِنْ أُخُوَّةِ النَّسَبِ، ولا ينبغي للإِخْوَةِ أن يكون بينهم تَفَرُّقٌ وَاخْتِلافٌ، بل يجب أن يكون بَيْنَهُمْ اجْتِمَاع بَيْنَ المؤمنين.

إنَّ الله سبحانه وتعالى شَرَع لهم الاجتماعات الدِّينيَّة، فشرع لهم الاجتماع في اليوم واللَّيلة خَمْسَ مرَّات في المساجد لأداء الصَّلاة، وَنَهَى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عنِ التَّخَلُّفِ عن الجَمَاعةِ مِنْ غَيْرِ عذْرٍ - يعني: عن صلاة الجَمَاعةِ - لأنَّ المسلمين يَجِبُ أن يكونوا جَمَاعةً وَاحِدَةً في عبَادَةِ ربِّهم عز وجل.

واجتماع أسبوعيٌّ في صلاة الجمعة، وهو أكبر من الاجتماع في الصَّلوات الخمس، واجتماع سَنَوِيٌّ في صلاة العيد، وهو اجتماع أكبر من ذلك، والاجتماع لأداء شعيرة الحجِّ مِنْ أَقْطَارِ الأرض في حِينٍ وَاحِدٍ، وَحَوْلَ بَيْتٍ وَاحِدٍ، وهو بَيْتُ الله سبحانه وتعالى.

وهذه اجْتِمَاعاتٌ عظِيمَةٌ تُرَبِّي المسلمين على الوَحْدَةِ، واجتماع الكلمة، وكذلك الاجتماع في الصِّيَامِ؛ أَمَرَ المسلمين أن يَصُومُوا جميعا لِرُؤْيَةِ الهلال، وأن يُفْطِرُوا جميعا لرؤية الهلال؛ قال صلى الله عليه وسلم: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ» ([1])، وقال صلى الله عليه وسلم: «صَوْمُكُمْ يَوْمَ تَصُومُونَ، وَفِطْرُكُمْ يَوْمَ تُفْطِرُونَ» ([2]).

فالاجتماع لأداء العبَادَاتِ: الصَّلاة والصِّيام والحجِّ وهي من كُبْرَيَاتِ العبادات، وهي من أركان الإسلام - كُلُّ هذا تَرْبِيَةٌ على اجتماع


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1909)، ومسلم رقم (1081).

([2])  أخرجه: الدارقطني رقم (2180).