والله جل وعلا أيضًا نَهَانَا عن التَّفرُّق؛
لأنَّه تَشَبُّهٌ بالمشركين: ﴿۞مُنِيبِينَ إِلَيۡهِ وَٱتَّقُوهُ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ
وَلَا تَكُونُواْ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ٣١مِنَ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمۡ وَكَانُواْ
شِيَعٗاۖ كُلُّ حِزۡبِۢ بِمَا لَدَيۡهِمۡ فَرِحُونَ ٣٢﴾
[الروم: 31- 32] وقال تعالى: ﴿وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخۡتَلَفُواْ
مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُۚ﴾
[آل عمران: 105]؛ فَمِنْ مَفَاسِدِ التَّفَرُّقِ أيضًا أنَّ فِيهِ تَشَبُّهًا
بالمشركين والكافرين، وقد قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» ([1])،
وقال عليه الصلاة والسلام: «لَيْسَ مِنَّا
مَنْ تَشَبَّهَ بِغَيْرِنَا» ([2]).
وهذا
أَعظَمُ زَاجِرٍ عن التَّفَرُّقِ؛ لأنَّ الله يُرِيدُ المسلمين أن يكونوا جماعة
واحدة، ويريد منهم أن يتميَّزوا عن المشركين، وعن الكافرين، وَمِنْ جُمْلَةِ ذلك -
بل أخطر مِنْ ذَلِكَ - التَّفَرُّقُ في الدِّين؛ فإنَّ مِنْ سِمَاتِ المشركين والكافرين
الافْتِرَاقُ في دِينِ الله عز وجل فالله عز وجل حَذَّرَ المسلمين مِنْ هَذَا
المَزْلَقِ الخطير، وَأَمَرَهُمْ بالاجتماع والسَّيْرِ على صراط الله عز وجل.
وَمِنْ أَعظَمِ مَفَاسِدِ التَّفْرِيقِ: حُصُولُ العذَابِ في الدُّنْيَا، وفي الآخِرَةِ؛ فَإِنَّ الله سبحانه وتعالى هَدَّدَ المتفرِّقين بالعذاب فقال: ﴿وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخۡتَلَفُواْ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ﴾ [آل عمران: 105] هذا وَعيدٌ شَدِيدٌ مِنَ الله عز وجل أَنَّ المتفرِّقين في دينهم سيصيبهم عذَابٌ عظيم، ثمَّ قال تعالى: ﴿يَوۡمَ تَبۡيَضُّ وُجُوهٞ وَتَسۡوَدُّ وُجُوهٞۚ﴾ [آل عمران: 106] قال بعض السَّلَفِ: يعني يَوْمَ القيامة حِينَ تَبْيَضُّ وُجُوهُ أَهْلِ السُّنَّة والجماعة، وَتَسْوَدُّ وُجُوهِ أَهْلِ الفُرْقَةِ والاختلاف.
([1]) أخرجه: أبو دود رقم (4031)، وأحمد رقم (5114).