×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثالث

اسْتَقَامُوا على هذه الكلمة وحقَّقوها قَوْلاً وعمَلاً، ولا يَكْفِي القَوْلُ أَنْ يَقُولُوا: ربُّنَا الله فقط، ولا يستقيمون على ما تقضيه هذه الكلمة، مِنْ لُزُومٍ لِمُقْتَضَيَاتِهَا وَمَدْلُولاتِهَا.

فالقَوْلُ وَحْدَهُ لا يَكْفِي، بل لابُدَّ أَنْ يُحَقِّقَ القَوْلَ بِالعمَلِ﴿قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسۡتَقَٰمُواْ [فصلت: 30]؛ علَى هَذِهِ الكَلِمَةِ، فَأَدَّوْا حَقَّهَا وَمَا يَجِبُ لَهَا مِمَّا أَمَرَ اللهُ تَعالَى بِهِ، وَأَمَرَ بِهِ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم.

أَمَّا مَنْ تَظَاهَرَ بالإيمان وَقَلْبُهُ بِخِلافِهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ فِي الدَّرْكِ الأسفل من النَّار، أو قَالَهَا بِلِسَانِهِ وَعمِلَ بِخِلافِهَا؛ فهو من الَّذين قال الله فيهم: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفۡعَلُونَ ٢كَبُرَ مَقۡتًا عِندَ ٱللَّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لَا تَفۡعَلُونَ ٣ [الصف: 2- 3] ثمَّ قال تعالى: ﴿تَتَنَزَّلُ عَلَيۡهِمُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ [فصلت: 30] يَعنِي: عنْدَ المَوْتِ، عنْدَ قَبْضِ أرواحهم، وَفِي حَالَةِ نَزْع أَرْوَاحِهِمْ؛ الحَالَةِ الَّتي هِيَ أَشَدُّ الحالات، وَأَحْرَجُ المواقف؛ عند ختام حياتهم، وَنِهَايَةِ أَعمَارِهِمْ، وَانْتِقَالِهِمْ مِنْ دَارِ الدُّنْيَا إلى دار الآخرة.

تتنزَّل عليهم ملائكة الرَّحمن: ﴿أَلَّا تَخَافُواْ وَلَا تَحۡزَنُواْ [فصلت: 30] تَقُولُ لَهُمْ: لا تَخَافُوا أَنْتُمْ قَادِمُونَ علَيْهِ في الآَخِرَةِ؛ فَإِنَّ اللهَ قَدْ أَعدَّ لَكُمْ كَرَامَتَهُ، وَأَعدَّ لَكُمْ جَنَّتَهُ، فَأَنْتُمْ قَادِمُونَ علَى رَبٍّ رَحِيمٍ، وعلى دَارٍ كَرِيمَةٍ، وَمَقَامٍ عظِيمٍ، وَلا تَحْزَنُوا علَى مَا فَاتَكُمْ مِنَ الدُّنيا؛ لا تَحْزَنُوا على أَمْوَالِكُمُ الَّتي تركتموها، ولا على أولادكم، ولا على ما تركتموه في الدُّنيا.

لا تَحْزَنُوا عليه؛ لأنَّ الحُزْنَ علَى شَيْءٍ فَاتَ، وأمَّا الخَوْفُ فَهُوَ علَى شَيْءٍ مُسْتَقْبَلٍ؛ فَهِيَ تُطَمْئِنُهُمْ، وَذَلِكَ بِنَفْيِ الحُزْنِ عنْهُمْ، وَنَفْيِ الخَوْفِ،


الشرح