·
الاستقامة
كَمَا فَسَّرَهَا السَّلَفُ الصَّالِحُ:
قال
أبو بكر رضي الله عنه: «الاستقامة على
الأوامر والنَّواهي».
وقال
غَيْرُهُ: «ألاَّ يروغ الإنسان
كَرَوَغَانِ الثَّعالب».
وقال
عثمان رضي الله عنه: «الاستقامة إِخْلاصُ
العبَادَةِ لله عز وجل ».
فهذه
التَّفاسير كلُّها تَجْتَمِع على أنَّ الاستقامة تَعنِي الاعتدال على أَمْرِ الله وَرَسُولِهِ
مِنْ غَيْرِ إِفْرَاطٍ ولا تَفْرِيطٍ، مِنْ غَيْرِ غُلُوٍّ ولا تَقْصِيرٍ،
وَمِنْهُ الشَّيء المستقيم.
والصِّراط
المستقيم معناه: المُعتَدِلُ؛ فالاستقامة مَعنَاهَا: الاعتدال على أَمْرِ الله
وَرَسُولِهِ مِنْ غَيْرِ إِفْرَاطٍ، ولا تَفْرِيطٍ. ولهذا قال سبحانه وتعالى
لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم: ﴿فَٱسۡتَقِمۡ كَمَآ أُمِرۡتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا
تَطۡغَوۡاْۚ﴾ [هود: 112] أَيْ:
فَاسْتَقِمْ كَمَا أَمَرَكَ اللهُ سبحانه وتعالى وَمَنْ تَابَ مَعكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ؛
ليستقيموا كَمَا أُمِرُوا.
والطُّغيان
مَعنَاهُ: الزِّيَادَةُ، والخروج عن الحَدِّ المَشْرُوع،
والزِّيَادَةُ علَى ما شَرَعهُ اللهُ سبحانه وتعالى والتَّشَدُّدُ في ذلك،
والخُرُوجُ عنِ الحُدُودِ الشَّرْعيَّةِ إلى زِيَادَاتٍ وتكلُّفات لم يَشْرَعهَا
اللهُ، ولا رَسُولُه صلى الله عليه وسلم سمَّاه الله طُغْيَانًا، والطُّغْيَانُ
مَعنَاهُ الزِّيَادَةُ عنِ الحَدِّ، كَمَا يُقَالُ: طَغَى المَاءُ؛ إذا ارْتَفَع
عنِ الحَدِّ، وَزَادَ عن الحد، فنتج عن ذلك أنَّه يخرج عن مكانه وعنْ قَرَارِهِ.
فَكَذَلِكَ
الطُّغْيَانُ في العبَادَةِ طُغْيَانٌ في الشَّرْع مَعنَاهُ أنَّ الإِنْسَانَ
يَزِيدُ على ما شَرَعهُ اللهُ، وَيَخْرُجُ عنْ مَا يَرْضَاهُ الله سبحانه وتعالى
فتكلُّفات وتنطُّعات وتشدُّدات لم يَأْمُرِ الله جل وعلا بِهَا، ولا رَسُولُه.
وفي الجانب الثَّاني الَّذي يُقَابِلُ الطُّغْيَانَ: التَّسَاهُلُ، والتَّفريط. بمعنى أنَّ الإِنْسَانَ يَتَسَاهَلُ في أوامر الله، وَيُضَيِّع كَثِيرًا مِنْهَا، وَيَكْسَلُ عنِ