×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثالث

الإطراء معناه: شِدَّةُ المَدْحِ؛ يَعنِي: لا تَغْلُوا فِي مَدْحِي وَتَزِيدُوا فِي مَدْحِي، فَيَجُرَّكُمْ ذَلِكَ إِلَى غُلُوِّ النَّصَارَى فِي المَسِيحِ؛ فإنَّهم مَدَحُوهُ حتَّى خَرَجُوا به عنِ البَشَرِيَّةِ، وَوَضَعوهُ فِي مَرْتَبَةِ الرُّبوبيَّة والألوهيَّة، تَعالَى الله عمَّا يَقُولُون.

فالرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم مِنْ كَمَالِ نُصْحِهِ لأمَّتِه وَشَفَقَتِهِ، وَمِنْ كَمَالِ بَيَانِهِ صلى الله عليه وسلم حَذَّرَ مِنْ ذَلِكَ فقال: «لاَ تُطْرُونِي»؛ يَعنِي: لا تَغْلُوا فِي مَدْحِي وَتَزِيدُوا فِي مَدْحِي حتَّى يَخْرُجَ بكم ذلك إلى الغُلُوِّ الَّذي وَقَعتْ فِيهِ النَّصَارَى فِي حَقِّ المَسِيحِ عيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عليه الصلاة والسلام.

ثُمَّ أَرْشَدَ صلى الله عليه وسلم إلى المَنْهَجِ الصَّحِيحِ في حَقِّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «إِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ فَقُولُوا: عَبْدُ اللهِ».

كما قال سبحانه وتعالى: ﴿تَبَارَكَ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلۡفُرۡقَانَ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦ لِيَكُونَ لِلۡعَٰلَمِينَ نَذِيرًا [الفرقان: 1] وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِيٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلٗا مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا [الإسراء:1] وَقَالَ سبحانه وتعالى: ﴿ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ عَلَىٰ عَبۡدِهِ ٱلۡكِتَٰبَ وَلَمۡ يَجۡعَل لَّهُۥ عِوَجَاۜ [الكهف: 1]، وَقَالَ سبحانه وتعالى: ﴿وَإِن كُنتُمۡ فِي رَيۡبٖ مِّمَّا نَزَّلۡنَا عَلَىٰ عَبۡدِنَا فَأۡتُواْ بِسُورَةٖ مِّن مِّثۡلِهِۦ [البقرة: 23] فَسَمَّى اللهُ نَبِيَّهُ محمَّدًا صلى الله عليه وسلم عبْدًا، وَالعبْدُ لا يُعبَدُ، وليس له الحَقُّ في الرُّبوبيًَّة، أو الألوهيَّة، وإنَّما هو عبْدُ الله وَرُسُولُه، وهذه أَشْرَفُ مَرْتَبَةٍ يَنَالُهَا البَشَرُ، أمَّا الرُّبوبيَّة والألوهيَّة فهي حَقُّ الله جل وعلا لا يُشَارِكُهُ فِيهَا غَيْرُهُ؛ فلا يَنْفَع، وَلا يَضُرُّ، ولا يَخْلُقُ، ولا يَرْزُقُ، ولا يُحْيِى، ولا يُمِيتُ إِلاَّ اللهُ جل وعلا.

·       تعريف الغلو:

فالغُلُوُّ لُغَةً: الزِّيَادَةُ عنِ الحَدِّ.


الشرح