وَبَنِينَ وَيَجۡعَل لَّكُمۡ جَنَّٰتٖ
وَيَجۡعَل لَّكُمۡ أَنۡهَٰرٗا ١٢مَّا لَكُمۡ لَا تَرۡجُونَ لِلَّهِ وَقَارٗا
١٣وَقَدۡ خَلَقَكُمۡ أَطۡوَارًا ١٤أَلَمۡ تَرَوۡاْ كَيۡفَ خَلَقَ ٱللَّهُ سَبۡعَ
سَمَٰوَٰتٖ طِبَاقٗا ١٥وَجَعَلَ ٱلۡقَمَرَ فِيهِنَّ نُورٗا وَجَعَلَ ٱلشَّمۡسَ
سِرَاجٗا ١٦وَٱللَّهُ أَنۢبَتَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ نَبَاتٗا ١٧ثُمَّ يُعِيدُكُمۡ
فِيهَا وَيُخۡرِجُكُمۡ إِخۡرَاجٗا ١٨﴾
[نوح: 5- 18] وَاسْتَمَرَّ مَعهُمْ، لَكِنْ لَمْ يُؤْمِنْ مَعهُ إِلاَّ قَلِيلٌ،
وَالأَكْثَرُ بَقُوا علَى الشِّرْكِ، وَقَالُوا: ﴿لَا تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمۡ﴾
[نوح: 23] يَعنُونَ الأَصْنَامَ وَالتَّمَاثِيلَ؛ قال تعالى: ﴿وَقَالُواْ لَا
تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمۡ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّٗا وَلَا سُوَاعٗا وَلَا يَغُوثَ
وَيَعُوقَ وَنَسۡرٗا﴾ [نوح: 23].
وَهَذِهِ
أَسْمَاءُ الرِّجَالِ الصَّالِحِينَ الَّذِينَ صُوِّرَتْ هَذِهِ الصُّوَرُ علَى
أَشْكَالِهِمْ، وَاتُّخِذَتْ أَصْنَامًا تُعبَدُ مِنْ دُونِ الله عز وجل
وَتَوَاصَوا بالبَقَاءِ علَى عبَادَتِهَا، وَمَعصِيَةِ نَبِيِّ اللهِ نُوحٍ عليه
الصلاة والسلام.
كُلُّ
ذَلِكَ كَانَ بِسَبَبِ الغُلُوِّ فِي الصَّالِحِينَ؛ إِذَنْ مَنْ غَلا فِي
الصَّالِحِينَ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ، فإنَّه يَكُونُ مِثْلَ قَوْمِ نُوحٍ سَوَاءً
بِسَوَاءٍ؛ فالَّذي يَغْلُو في علِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ تَعالَى
عنْهُ، أَوْ يَغْلُو فِي الحَسَنِ، أَوِ الحُسَيْنِ رَضِيَ اللهُ تَعالَى
عنْهُمَا، أَوْ يَغْلُو فِي عبْدِ القادر الجيلانيِّ، أو يَغْلُو في البَدَوِيِّ،
أو يَغْلُو فِي أَيِّ مَخْلُوقٍ مَيِّتٍ من الصَّالحين، وَيَطْلُبُ مِنْهُ
المَدَدَ، أَوْ يَسْتَغِيثُ بِهِ، أَوْ يَذْبَحُ لَهُ، أَوْ يَنْذِرُ لَهُ، أو
يتمسَّح بِقَبْرِهِ، أو أَعتَابِهِ، كُلُّ ذَلِكَ مِنْ دِينِ قَوْمِ نُوحٍ سَوَاءٌ
بِسَوَاءٍ، وهو الشِّرْكُ الأَكْبَرُ المُخْرِجُ مِنَ المِلَّةِ، والسَّبَبُ في
هذا هو الغُلُوُّ في الصَّالحين.
نَحْنُ
نُحِبُّ الصَّالحين، وَنُحِبُّ أَوْلِيَاءَ اللهِ، وَنَقْتَدِي بِهِمْ، وَنَدْعو
لهم، لكن لا نَغْلُو فِيهِم، ولا نَزِيدُ فِي حَقِّهِمْ.
أمَّا
أنَّنا نَصْرِفُ شَيْئًا مِنْ أَنْوَاع العبَادَةِ لَهُمْ، أَوِ النَّذْرَ، أو
الطَّواف، أو الدُّعاء، أو الاستغاثة، فَهَذَا هُوَ الشِّرْكُ الأَكْبَرُ، وَهَذَا
هُوَ دِينُ المُشْرِكِينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ وَغَيْرِهِمْ.