وَلَكِنْ
يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا،
اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالاً، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ،
فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا» ([1]).
وَفِي
حَدِيثٍ: «لإَِنْ تَمُوتَ قَبِيلَةٌ
بِأَسْرِهَا أَيْسَرُ علَى اللهِ مِنْ مَوْتِ عَالِمٍ» ([2]).
لَعمْرُكَ مَا الرَّزِيَّةُ فَقْدُ مَالٍ **** وَلا
شَاةٌ تَمُوتُ، وَلا بَعير
وَلَكِنَّ الرَّزِيَّةَ فَقْدُ حَبْرٍ **** يَمُوتُ
بِمَوْتِهِ خَلْقٌ كَثِير
فالعلَمَاءُ
لهم مَكَانَتُهُمْ، وَلَهُمْ قَدْرُهُم، ولا يَصْلُحُ النَّاسُ بِدُونِ وجود
العلماء، والمُرَادُ بالعلماء أَهْلُ العلم النَّافع والعمل الصَّالح الَّذي بَعثَ
اللهُ به نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم فإنَّ اللهَ بَعثَ نَبِيَّهُ بالهُدَى
وَدِينِ الحَقِّ؛ ﴿هُوَ ٱلَّذِيٓ
أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ﴾
[التوبة: 33]، وهو العلم النَّافع والعمل الصَّالح.
فَمَنْ
جَمَع اللهُ لَهُ بَيْنَ العلْمِ النَّافع والعمَلِ الصَّالِحِ، فَقَدْ حَصَلَ على
مَا بَعثَ به رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم.
·
مكانة
العلماء وقدرهم:
العلَمَاءُ لهم مَكَانَتُهُم وَقَدْرُهُم، ولا يَبْخَسُ، ولا يَنْقُصُ مِنْ قَدْرِهِم إِلاَّ زِنْدِيقٌ مُنْحَرِفٌ يُبْغِضُ الحَقَّ وأهله، أو جاهل مُرَكَّبٌ يَغْتَرُّ بما يسمع مِنْ كلام أَهْلِ النِّفَاقِ وَأَهْلِ الرِّيَبِ، كما قَصَّ اللهُ تعالى في القرآن أنَّ المنافقين تناولوا بالذَّمِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وقالوا: «مَا رَأَيْنَا مِثْلَ قُرَّائِنَا هَؤُلاَءِ أَرْغَبَ بُطُونًا، وَلاَ أَكْذَبَ أَلْسُنًا، وَلاَ أَجْبَنَ عِنْدَ اللِّقَاءِ»؛ يَعنُونَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ، فأنزل الله عز وجل على رسوله:
([1]) أخرجه: البخاري رقم (100)، ومسلم رقم (2673).