فَأَنْتَ تَعتَمِدُ على الله عز وجل في
عقِيدَتِكَ وَتَوْحِيدِكَ، وَتَعتَمِدُ على الله عز وجل في حُصُولِ حَاجَاتِكَ
حَتَّى وَلَوْ كَانَتْ حَاجَاتٍ دُنْيَوِيَّةً؛ كالأكل، والشُّرب، والكُسْوَةِ،
وحصول المقاصد، كذلك اجعل تَوَكُّلَكَ دَائِمًا على الله عز وجل وَاعتِمَادَكَ
علَيْهِ فِي جَمِيع أُمُورِكَ.
فليس
التَّوَكُّلُ مَقْصُورًا على أُمُورِ العقِيدَةِ وَأُمُورِ التَّوْحِيدِ، بل حتَّى
أُمُورِ الدُّنيا وَطَلَبِ الرِّزق؛ لا تَعتَمِدُ علَى غَيْرِ الله فِي حُصُولِ أيِّ
مَقْصُودٍ؛ لأنَّ الأُمُورَ بِيَدِ الله سبحانه وتعالى بِيَدِهِ مَقَالِيدُ
السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ، فَيَجِبُ أَنْ تَتَوَكَّلَ علَيْهِ.
فَحَوَائِجُ
العبَادِ كلُّها بِيَدِهِ سبحانه وتعالى فَكَيْفَ يَتَوَكَّلُ الإِنْسَانُ علَى
غَيْرِ الله وَيَعتَمِدُ علَى غَيْرِ اللهِ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاه؟! لا شَكَّ
أنَّ هذا مِنَ الجَهْلِ والإِعرَاضِ عنِ الله سبحانه وتعالى؛ فالتَّوكُّل
مَقَامُهُ مِنْ أَعظَمِ مَقَامَاتِ العبوديَّة.
·
التوكل على
الله والأخذ بالأسباب:
ثمَّ
أَيْضًا ليس التَّوَكُّلُ على الله سبحانه وتعالى مَعنَاهُ تَرْكُ الأَسْبَابِ
وَتَفْوِيضُ الأُمُورِ إلى الله؛ فلا نَتْرُكُ الأَسْبَابَ وَنَقُولُ: إِنْ كَانَ
اللهُ أَرَادَ لَنَا رِزْقًا، جَاءَ وَنَحْنُ جَالِسُونَ، وَلا نَتْرُكُ طَلَبَ
العلْمِ وَنَقُولُ: إن كَانَ اللهُ أَرَادَ لَنَا العلْمَ، جَاءَنَا وَنَحْنُ جَالِسُونَ
فِي بُيُوتِنَا، وَنَتْرُكُ سَائِرَ الأُمُورِ النَّافِعةِ الَّتي لا بُدَّ لَنَا
مِنَ الأَخْذِ بِهَا ونقول: إن كان الله قدَّرها لنا، جَاءَتْنَا مِنْ غَيْرِ
فِعلِ سَبَبٍ..
هَذَا
غَلَطٌ كَبِيرٌ؛ فلا بُدَّ مِنَ الجَمْع بَيْنَ الأَمْرَيْنِ؛ التَّوَكُّلِ على
الله سبحانه وتعالى وَفِعلِ الأَسْبَابِ النَّافِعةِ؛ فالإنسان يَفْعلُ الأسباب في
طَلَبِ الرِّزق، وهو مُتَوَكِّلٌ على الله في حُصُولِ المَطْلُوبِ.