×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثالث

فِي البُيُوتِ وَتَزْعمُوا أَنَّ الأَرْزَاقَ تَدْخُلُ علَيْكُمْ. هَذَا غَلَطٌ، وَلا يَقُولُ بِهَذَا مُؤْمِنٌ.

وَلِهَذَا لَمَّا رَأَى عمَرُ رضي الله عنه جَمَاعةً زَعمُوا أَنَّهُمْ مُتَوَكِّلُونَ علَى الله وَتَرَكُوا الأَسْبَابَ، قال: مَنْ أَنْتُم؟ قَالُوا: نَحْنُ المُتَوَكِّلُونَ. قَالَ: لا، أَنْتُمُ المُتَأَكِّلُونَ؛ أي: تُرِيدُونَ أَنْ تَكُونُوا عالَةً على النَّاس.

وقال تعالى: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلَوٰةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَٱبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ [الجمعة: 10]؛ أَيْ: بِيعوا واشتروا واطلبوا الرِّزق بفعل الأسباب النَّافعة. أَمَرَهُمُ الله سبحانه وتعالى بِفِعلِ العبادة والصَّلاة في وقتها ومكانها، وهو المسجد.

ثُمَّ أَمَرَ بِطَلَبِ الرِّزق في مَكَانِهِ، وهو خارج المسجد: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلَوٰةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ [الجمعة: 10]؛ لأنَّ ذِكْرَ الله جل وعلا سَبَبٌ لِجَلْبِ الرِّزْقِ أيضًا؛ فهو أعظم سبب لِجَلْبِ الرِّزق وتيسير الأمور؛ ﴿فَإِذَا بَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمۡسِكُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٍ أَوۡ فَارِقُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٖ وَأَشۡهِدُواْ ذَوَيۡ عَدۡلٖ مِّنكُمۡ وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَٰدَةَ لِلَّهِۚ ذَٰلِكُمۡ يُوعَظُ بِهِۦ مَن كَانَ يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّهُۥ مَخۡرَجٗا ٢وَيَرۡزُقۡهُ مِنۡ حَيۡثُ لَا يَحۡتَسِبُۚ وَمَن يَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسۡبُهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ بَٰلِغُ أَمۡرِهِۦۚ قَدۡ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَيۡءٖ قَدۡرٗا ٣ [الطلاق: 2- 3].

وعمر رضي الله عنه يَقُولُ: (لقد علمتم أنَّ السَّماء لا تُمْطِرُ ذَهَبًا، ولا فِضَّةً)، يُنْكِرُ على جماعة جَلَسُوا للعبادة، وصاروا عالَةً على غيرهم، فصار يَضْرِبُهُم بالدُّرَّة، ويأمرهم بطلب الرِّزق ويقول: (لقد علمتم أنَّ السَّماء لا تُمْطِرُ ذهبًا، ولا فِضَّةً)، إنَّما يحصل الذَّهب والفضَّة بالسَّعي وطلب الرِّزق وفعل الأسباب.


الشرح