ولله الحمد؛ مَا جَعلَ على المسلمين فِي الدِّين
مِنْ حَرَجٍ؛ ﴿وَمَا
جَعَلَ عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلدِّينِ مِنۡ حَرَجٖۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمۡ إِبۡرَٰهِيمَۚ﴾ [الحج: 78].
·
وسطية أهل
السنة والجماعة بين الفرق الضالة المنتسبة إلى الإسلام:
فهذه
وسطيَّة المسلمين بَيْنَ الأُمَمِ، وكذلك في الإسلام؛ فَأَهْلُ السُّنَّةِ
والجَمَاعةِ وَسَطٌ بَيْنَ الفِرَقِ الضَّالَّةِ المُنْتَسِبَةِ إلى الإسلام؛
كالخَوَارِجِ والمعتزلة والقَدَرِيَّةِ والشِّيعة؛ فَهُمْ وَسَطٌ بَيْنَ الفِرَقِ
الضَّالَّة؛ بَيْنَ المفرِّطين المضيِّعين، وبين المفرِّطين المُغَالِينَ، كما
أَنَّ الإِسْلامَ وَسَطٌ بَيْنَ الأُمَمِ الكَافِرَةِ.
فَفِي
أَسْمَاءِ اللهِ وَصِفَاتِهِ أَهْلُ السُّنَّة والجماعة وَسَطٌ بَيْنَ
المُعطِّلَةِ الَّذين نفوا أسماء الله وصفاته مِنَ الجَهْمِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ،
وَبَيْنَ الممثِّلة المشبِّهة الَّذين شبَّهوا الله بِخَلْقِهِ.
فَأَهْلُ
السُّنَّةِ والجَمَاعةِ يُثْبِتُونَ لله ما أَثْبَتَهُ لِنَفْسِهِ، وما أَثْبَتَ
لَهُ رَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم مِنَ الأَسْمَاءِ والصِّفَاتِ مِنْ غَيْرِ
تَعطِيلٍ، وَمِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ، ولا تَمْثِيلٍ، على حَدِّ قَوْلِهِ سبحانه
وتعالى: ﴿لَيۡسَ
كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ﴾
[الشورى: 11] فَفِي قَوْلِهِ: ﴿وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ﴾
[الشورى: 11] رَدٌّ للتَّعطِيلِ؛ حَيْثُ أَثْبَتَ لِنَفْسِهِ السَّمْع والبَصَرَ
رَدٌّ للتَّشبيه والتَّمثيل، في قوله ﴿لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ﴾
[الشورى: 11]، وسمَّى نَفْسَهُ بالسَّمِيع والبَصِيرِ، وَأَهْلُ السُّنَّةِ
والجَمَاعةِ يتَّخذون من هذه الآية وَأَمْثَالِهَا مِيزَانًا يَسِيرُونَ علَيْهِ؛
وهو مِيزَانُ الاعتِدَالِ بَيْنَ الجَفَاءِ فِي الأَسْمَاءِ والصِّفات
وَتَعطِيلها، وَبَيْنَ الإِفْرَاطِ فِي إثباتها وتشبيهها بصفات المخلوقين.