وإنَّمَا يَشُقُّ الثَّوْبَ الَّذِي فِيهِ
النَّجَاسَةُ، وَيُفْسِدُ الثَّوْبَ؛ يَعتَقِدُونَ أَنَّ المَاءَ لا يُطَهِّرُ
النَّجَاسَةَ، فيشقُّونها من الثَّوب.
أمَّا
المسلمون فإنَّهم وَسَطٌ فِي الحَلالِ والحَرَامِ بَيْنَ تشدُّد اليَهُودِ
وَتَسَاهُلِ النَّصَارَى؛ فَهُمْ لا يُحَرِّمُونَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ اللهُ
وَرَسُولُه، أمَّا النَّصَارَى فإنَّهم لا يحرِّمون ما حرَّم الله ورسوله،
والمسلمون لا يعتزلون الحَائِضَ، وَيَأْكُلُونَ مِمَّا طَبَخَتْ، وَيَلْبَسُونَ
مَا غَسَلَتْ، وَمَا لَمَسَتْ، إِلاَّ أنَّ اللهَ حَرَّمَ علَى زَوْجِهَا الجِمَاع
فِي الفَرْجِ، وَأَبَاحَ مُبَاشَرَتَهَا، والنَّومَ مَعهَا، وكان النبي صلى الله
عليه وسلم يأمر عائشة، وهي حائض فتَّتزر، فيباشرها، وينام معها صلى الله عليه وسلم.
قَالَ تَعالَى: ﴿وَيَسَۡٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡمَحِيضِۖ قُلۡ هُوَ أَذٗى فَٱعۡتَزِلُواْ ٱلنِّسَآءَ فِي ٱلۡمَحِيضِ﴾ [البقرة: 222] يعني: في الفَرْجِ. ﴿وَلَا تَقۡرَبُوهُنَّ﴾ [البقرة: 222] يَعنِي: بِالجِمَاع. ﴿حَتَّىٰ يَطۡهُرۡنَۖ﴾ [البقرة: 222] وَلَمَّا سُئِلَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عمَّا يَحِلُّ مِنَ الحَائِضِ قَالَ: «اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلاَّ النِّكَاحَ» ([1])؛ يَعنِي: فِي الفَرْجِ. فَهَذَا مِنْ وَسَطيَّةِ الإِسْلامِ فِي الأَحْكَامِ الشَّرْعيَّةِ؛ الثَّوْبُ إذا أصابته النَّجَاسَةُ لا نتساهل كتساهل النَّصَارَى، ولا نُبَالِغُ، ولا نتشدَّد تَشَدُّدَ اليَهُودِ حتَّى نقطع النَّجاسة مِنَ الثَّوْبِ ونشقَّه، وإنَّما نغسل الثَّوب بالماء، والحمد لله؛ قال تعالى: ﴿وَيَسَۡٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡمَحِيضِۖ قُلۡ هُوَ أَذٗى فَٱعۡتَزِلُواْ ٱلنِّسَآءَ فِي ٱلۡمَحِيضِ﴾ [البقرة: 222]، ﴿وَأَنزَلۡنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ طَهُورٗا﴾ [الفرقان: 48]، ﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيۡكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ لِّيُطَهِّرَكُم بِهِۦ﴾ [الأنفال: 11] فيغسلون النَّجاسة من الثَّوب، ويلبسونه، ويستعملونه. هذا مِنْ وَسَطِيَّةِ الإسلام.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (302).