فالَّذي يَسْتَمِع إلى إذاعاتِهِمُ الَّتي
يسمُّونها: صَوْتَ الإنجيل، أو غَيْرَهَا، يَسْمَع الكُفْرَ البَوَاحَ، والغُلُوَّ
فِي المَسِيحِ عليه الصلاة والسلام الَّذي هُوَ عبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ
وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ﴿وَقَالَ ٱلۡمَسِيحُ يَٰبَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ
رَبِّي وَرَبَّكُمۡۖ إِنَّهُۥ مَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدۡ حَرَّمَ ٱللَّهُ
عَلَيۡهِ ٱلۡجَنَّةَ وَمَأۡوَىٰهُ ٱلنَّارُۖ وَمَا لِلظَّٰلِمِينَ مِنۡ أَنصَارٖ﴾ [المائدة: 72]، وَالمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ عليه الصلاة
والسلام أَنْكَرَ علَيْهِمْ أَنْ يَعبُدُوهُ مِنْ دُونِ اللهِ تَعالَى، وَقَالَ: ﴿ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ
رَبِّي وَرَبَّكُمۡۖ﴾ [المائدة:
72] وقال: ﴿قَالَ
إِنِّي عَبۡدُ ٱللَّهِ ءَاتَىٰنِيَ ٱلۡكِتَٰبَ وَجَعَلَنِي نَبِيّٗا ٣٠وَجَعَلَنِي
مُبَارَكًا أَيۡنَ مَا كُنتُ وَأَوۡصَٰنِي بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱلزَّكَوٰةِ مَا دُمۡتُ
حَيّٗا ٣١وَبَرَّۢا بِوَٰلِدَتِي وَلَمۡ يَجۡعَلۡنِي جَبَّارٗا شَقِيّٗا ٣٢﴾ [مريم: 30- 32] وَقَالَ اللهُ تَعالَى فِي المَسِيحِ: ﴿إِنۡ هُوَ
إِلَّا عَبۡدٌ أَنۡعَمۡنَا عَلَيۡهِ وَجَعَلۡنَٰهُ مَثَلٗا لِّبَنِيٓ
إِسۡرَٰٓءِيلَ﴾ [الزخرف: 59] فَهُوَ عبْدٌ
وَرَسُولٌ، وَلَيْسَ رَبًّا، وَالمُسْلِمُونَ وَسَطٌ بَيْنَ اليَهُودِ والنَّصَارَى
فِي حَقِّ الرَّبِّ، وَمَا يَجِبُ لَهُ سبحانه وتعالى فَيُنَزِّهُونَهُ عمَّا
فَعلَ اليَهُودُ مِنْ تَشْبِيهٍ بِالمَخْلُوقِينَ، وَيُنَزِّهُونَهُ عمَّا فَعلَهُ
النَّصَارَى مِنْ تَشْبِيهِ المَخْلُوقِينَ بِهِ سبحانه وتعالى وَيَعتَقِدُونَ
أَنَّ اللهَ سبحانه وتعالى هُوَ الرَّبُّ المَعبُودُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ
الخَالِقُ الرَّازِقُ الَّذي لَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى وَالصِّفَاتُ العلاَ،
وَأَنَّهُ لا يُشْبِهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِهِ، ولا يُشْبِهُهُ أَحَدٌ مِنْ
خَلْقِهِ ﴿لَيۡسَ
كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ﴾
[الشورى: 11] وكذلك عقِيدَةُ المسلمين في الرُّسُلِ وَسَطٌ بَيْنَ غُلُوِّ
النَّصَارَى وَجَفَاءِ اليَهُودِ؛ فَاليَهُودُ جَفُوا فِي حَقِّ الرُّسُلِ،
فَآَمَنُوا بِبَعضِهِمْ، وَكَفَرُوا بِبَعضِهِمْ، وَأَسَاءُوا الأَدَبَ مَع
الرُّسُلِ، حَتَّى مع نبيِّهم كَلِيمِ اللهِ مُوسَى عليه السلام كَمَا قَصَّ اللهُ
مَوَاقِفَهُمْ مَعهُ، وَأَذَاهُمْ لَهُ، فِي كَثِيرٍ مِنَ المَوَاقِفِ.
وَكَيْفَ
يُقَابِلُونَ كَلِيمَ اللهِ مُوسَى عليه السلام بِالجَفَاءِ وَالتَّكَبُّرِ؟!