×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثالث

مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا أَمَرَهُمْ بِالجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ فِي تَخْلِيصِ بَيْتِ المَقْدِسِ مِنَ الكفَّار، ﴿قَالُواْ يَٰمُوسَىٰٓ إِنَّ فِيهَا قَوۡمٗا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدۡخُلَهَا حَتَّىٰ يَخۡرُجُواْ مِنۡهَا فَإِن يَخۡرُجُواْ مِنۡهَا فَإِنَّا دَٰخِلُونَ [المائدة: 22] يَا سُبْحَانَ اللهِ! إِذَا خَرَجُوا مِنْهَا هُمْ يدخلون، فَلَيْسَ لَكُمْ فَضْلٌ؛ إِنَّمَا المَطْلُوبُ أَنْ تُجَاهِدُوهُمْ حتَّى يَخْرُجُوا، ثمَّ انتهى أَمْرُهُم إلى أن قالوا لِمُوسَى عليه السلام: ﴿فَٱذۡهَبۡ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَٰتِلَآ إِنَّا هَٰهُنَا قَٰعِدُونَ [المائدة: 24] هَذَا مَا قَالُوهُ لِنَبِيِّهِمْ: ﴿فَٱذۡهَبۡ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَٰتِلَآ إِنَّا هَٰهُنَا قَٰعِدُونَ [المائدة: 24] وقَالوا كذلك مَع بَقِيَّةِ الأَنْبِيَاءِ؛ أَسَاءُوا الأَدَبَ، وَجَفُوا في حقِّ الأنبياء، وَقَتَلُوا مَنْ قَتَلُوا من الأنبياء: ﴿قُلۡ فَلِمَ تَقۡتُلُونَ أَنۢبِيَآءَ ٱللَّهِ مِن قَبۡلُ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ [البقرة: 91]، ﴿أَفَكُلَّمَا جَآءَكُمۡ رَسُولُۢ بِمَا لَا تَهۡوَىٰٓ أَنفُسُكُمُ ٱسۡتَكۡبَرۡتُمۡ فَفَرِيقٗا كَذَّبۡتُمۡ وَفَرِيقٗا تَقۡتُلُونَ [البقرة: 87] فَرِيقٌ مِنَ الرُّسُلِ كَذَّبُوهم، وَجَحَدُوا رِسَالَتَهُمْ، وَفَرِيقٌ مِنَ الرُّسُلِ قَتَلُوهُم، كَمَا قَتَلُوا زَكَرِيَّا عليه السلام وَقَتَلُوا ابْنَهُ يَحْيَى عليه الصلاة والسلام وَهَمُّوا وَحَاوَلُوا قَتْلَ المَسِيحِ عليه الصلاة والسلام وَمَكَرُوا لِقَتْلِهِ، فَرَفَعهُ اللهُ عز وجل وَخَلَّصَهُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ، وَحَاوَلُوا مِرَارًا قَتْلَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَلَكِنَّ اللهَ عصَمَهُ مِنْهُمْ. هَذَا مَوْقِفُ اليَهُودِ مِنَ الأنبياء، وهو مَوْقِفٌ لا يَزَالُ موجود إلى الآن.

وأمَّا النَّصَارَى فإنَّهم غَلُوا فِي حَقِّ الأَنْبِيَاءِ حتَّى اعتَقَدُوا مَنْ لَيْسَ بِرَسُولٍ رَسُولاً؛ فَاعتَقَدُوا أَنَّ أَتْبَاع المَسِيحِ مِنَ الحَوَارِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ رُسُلٌ، ويسمُّونهم بالرُّسُلِ؛ الرَّسُولَ بُولِس، والرَّسول مَتَّى؛ فَيُطْلِقُونَ اسْمَ الرِّسَالَةِ علَى غَيْرِ الرُّسُلِ.

هذا غُلُوٌّ؛ حَيْثُ إِنَّهُمْ مَنَحُوهَا مَنْ لَيْسَ بِرَسُولٍ، وَغَلُوا فِي حَقِّ المَسِيحِ كَمَا مَرَّ قَرِيبًا، حَتَّى جَعلُوهُ رَبًّا يُعبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ، وَحَتَّى اتَّخَذُوا


الشرح