×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثالث

السَّاحِرُ أَعطَى الإيمان، وَأَخَذَ السِّحْرَ؛ بِمَعنَى أَنَّهُ تَرَكَ الإيمان، وَأَخَذَ السِّحْرَ؛ ﴿مَا لَهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنۡ خَلَٰقٖۚ [البقرة: 102] يَعنِي: مِنْ نَصِيبٍ. وهذا من أدلَّة أنَّ السِّحْرَ كُفْرٌ، وأنَّ السَّاحِرَ كَافِرٌ؛ لأنَّ الجَنَّةَ لا تَحْرُمُ على مَنْ فِيهِ إِيمَانٌ، وإنَّمَا تَحْرُمُ الجَنَّةُ علَى الكَافِرِ؛ ﴿قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ [الأعراف: 50]، ﴿إِنَّهُۥ مَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدۡ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ ٱلۡجَنَّةَ وَمَأۡوَىٰهُ ٱلنَّارُۖ [المائدة: 72] فالسَّاحِرُ مَحْرُومٌ مِنَ الجَنَّةِ مَا لَهُ فِيهَا مِنْ خَلاقٍ؛ يَعنِي: مَا لَهُ نَصِيبٌ؛ لأنَّه لا يُحْرَمُ من الجنَّة نهائيًّا إِلاَّ الكافر، أمَّا المُؤْمِنُ، ولو كان إيمانُهُ ضَعيفًا، فإنَّه لا يُحْرَمُ مِنَ الجَنَّةِ، حَتَّى ولو عُذِّبَ في النَّارِ بِذُنُوبِهِ؛ فإنَّه يَدْخُلُ الجَنَّةَ فِيمَا بَعدُ.

فَهَذِهِ أَدِلَّةٌ مَنْ هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ فِي مَوَاضِع مُتَعدِّدَةٍ منها على أنَّ السِّحْرَ كُفْرٌ، وَأَنَّ السَّاحِرَ كَافِرٌ بالله عز وجل ﴿وَلَقَدۡ عَلِمُواْ لَمَنِ ٱشۡتَرَىٰهُ مَا لَهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنۡ خَلَٰقٖۚ وَلَبِئۡسَ مَا شَرَوۡاْ بِهِۦٓ أَنفُسَهُمۡۚ لَوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ [البقرة: 102] ثم قال: ﴿وَلَوۡ أَنَّهُمۡ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَوۡاْ [البقرة: 103] هذا دليل على أنَّ السَّاحِرَ لَيْسَ مُؤْمِنًا، ولا مُتَّقِيًا.

وفي قوله تعالى في سورة يونس: ﴿وَلَا يُفۡلِحُ ٱلسَّٰحِرُونَ [يونس: 77] وفي سورة طه: ﴿وَلَا يُفۡلِحُ ٱلسَّاحِرُ حَيۡثُ أَتَىٰ [طه: 69]، ﴿وَلَا يُفۡلِحُ [طه: 69] هذا دليل على كفره؛ لأنَّ الَّذي لا يُفْلِحُ أَبَدًا هو الكَافِرُ، أمَّا المؤمن، ولو كان إيمانه ضعيفًا، فإنَّه يُفْلِحُ بِحَسَبِ إِيمَانِهِ، ولا يُفْلِحُ مِنَ الفلاح أبدًا، إنَّما الَّذي يُحْرَمُ مِنَ الفلاح هو الكَافِرُ.

وَسَمَّى اللهُ السَّاحِرَ مُفْسِدًا؛ ﴿قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئۡتُم بِهِ ٱلسِّحۡرُۖ إِنَّ ٱللَّهَ سَيُبۡطِلُهُۥٓ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُصۡلِحُ عَمَلَ ٱلۡمُفۡسِدِينَ [يونس: 81] فَدَلَّ علَى أنَّ السَّاحِرَ مُفْسِدٌ، يُفْسِدُ في الأرض، يُفْسِدُ المجتمع، يُفْسِدُ البَلَدَ، يُفْسِدُ العقَائِدَ،


الشرح