وَأَكْلُ
مَالِ الْيَتِيمِ وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ
الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلاَتِ» ([1]).
الشَّاهِدُ
مِنْهُ أنَّه عدَّ السِّحْرَ المُوبِقَةَ الثَّانية بَعدَ الشِّرْكِ، فَدَلَّ
ذَلِكَ على قُبْحِهِ، وشدَّة تحريمه وَشَنَاعتِهِ، وأنَّه مُهْلِكٌ، مَع مَا
سَبَقَ فِي آَيَةِ البَقَرَةِ مِنَ الدِّلالة على كُفْرِ السَّاحِرِ، وَتَحْرِيمِ
تَعلُّمِ السِّحْرِ، وَتَعلِيمِهِ، وأنَّه كُفْرٌ فِي مَوَاضِع من ذلك.
·
أنواع
السحر:
النوع
الأول: التَّنْجِيم:
قال
صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اقْتَبَسَ
عِلْمًا مِنَ النُّجُومِ، فَقَدِ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ السِّحْرِ، زَادَ مَا
زَادَ» ([2])
فالمنجِّمون فيهم سحر، وهم الَّذين يتعاطون علم النُّجوم، وَيَسْتَدِلٌُّونَ بِهِ
علَى الحوادث الأرضيَّة، ويقول: إذا طَلَع النَّجْمُ الفُلانيُّ يَحْصُلُ مَرَضٌ،
وَيَحْصُلُ مَوْتٌ في النَّاس، أو يَحْصُلُ مَرَضٌ وَخِصْبٌ، وإذا طَلَع النَّجْمُ
الفُلانِيُّ تَغْلُو الأسعار، أو تَرْخُصُ الأسعار. هَذَا كُفْرٌ؛ لأنَّه ادِّعاءٌ
لِعلْمِ الغَيْبِ؛ لأنَّه لا يَعلَمُ ما يجري في المستقبل من حياة وموت وغلاء ورخص
وجدب وقحط، لا يعلم هذا إِلاَّ الله سبحانه وتعالى.
فالَّذي يخبر عن المستقبل وما يجري فيه يَدَّعي علْمَ الغَيْبِ، ويدَّعيه بواسطة السِّحر الَّذي هو التَّنجيم؛ فالتَّنْجِيمُ نَوْع مِنَ السِّحْرِ؛ فَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اقْتَبَسَ عِلْمًا مِنَ النُّجُومِ»؛ يَعنِي: تَعلَّمَ علْمَ التَّنجيم وتعاطاه وصار
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2767)، ومسلم رقم (89).