يستدلُّ بالتَّنجيم وأحوال النُّجوم على ما يجري
على النَّاس، وعلى ما يجري في الأرض في المستقبل مِنْ حَيَاةٍ، أو مَوْتٍ، أو
مَرَضٍ، أَوْ صِحَّةٍ، أو غِنىً، أو فقر، أو غَلاءٍ، أو رِخَصٍ، أو غير ذلك، فهذا
من السِّحْرِ.
أمَّا
معرفة علم النُّجوم الَّذي هو علم الحساب ودرجات الفَلَكَ وفصول السَّنة ومواقيت
الصَّلاة، فهو علْمٌ مُبَاحٌ، ليس سِحْرًا؛ لأنَّ اللهَ خَلَقَ النُّجُومَ
لِثَلاثٍ: زِينَةٌ للسَّماء، وَرُجُومٌ للشَّياطين، وَعلامَاتٌ يُهْتَدَى بها ﴿وَهُوَ ٱلَّذِي
جَعَلَ لَكُمُ ٱلنُّجُومَ لِتَهۡتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَٰتِ ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِۗ﴾ [الأنعام: 97]، ﴿إِنَّا زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنۡيَا بِزِينَةٍ ٱلۡكَوَاكِبِ
٦وَحِفۡظٗا مِّن كُلِّ شَيۡطَٰنٖ مَّارِدٖ ٧﴾
[الصافات: 6- 7] وحفظًا للسَّمَاءِ مِنَ الشَّيَاطِين، وَمَنِ اسْتَراقَ السَّمع؛
لأنَّ الله يرجم الشَّياطين بالشُّهُبِ مِنْ هَذِهِ النُّجُومِ، فتندحر، وتحترق.
هذا
المقصود بالنُّجوم؛ أمَّا من قال أَنَّ المَقْصُودَ مِنْهَا الاستدلال على ما يجري
في الأرض من الحوادث، فهذا عمَلُ السِّحْرِ، وَعمَلُ المنجِّمين، وهذا معنى قوله
صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اقْتَبَسَ
عِلْمًا مِنَ النُّجُومِ، فَقَدِ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ السِّحْرِ، زَادَ مَا
زَادَ» ([1])؛
فَدَلَّ علَى التَّنجيم الَّذي هذا معناه أنَّه سحر.
فالمُنَجِّمُ سَاحِرٌ، وإذا كَانَ سَاحِرًا فَهُوَ كَافِرٌ خَارِجٌ مِنَ المِلَّةِ، وَمَنْ يَدَّعي علْمَ الغَيْبِ فَهُوَ كَافِرٌ، بل هو مِنْ كِبَارِ الطَّوَاغِيتِ؛ مَنْ يَدَّعي علْمَ الغَيْبِ؛ لأنه لا يعلم الغيب إِلاَّ الله سبحانه وتعالى وَمَنْ أَطْلَعهُ علَى شَيْءٍ مِنْ علْمِهِ كَالأَنْبِيَاءِ - عليهم الصَّلاة والسَّلام - ﴿عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ فَلَا يُظۡهِرُ عَلَىٰ غَيۡبِهِۦٓ أَحَدًا ٢٦إِلَّا مَنِ ٱرۡتَضَىٰ مِن رَّسُولٖ فَإِنَّهُۥ يَسۡلُكُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦ رَصَدٗا ٢٧﴾ [الجن: 26- 27]
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (3905)، وابن ماجه رقم (3726)، وأحمد رقم (2000).