×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثالث

أَهْلُ العلم والإيمان انْدَحَرُوا دَائِمًا أبدًا، ولا يمكن أن يَصْمُدُوا، أو يَقِفُوا في وَجْهِ الحَقِّ وَدُعاةِ الحَقِّ.

وَمِنْ ثَمَّ يَجِبُ علَى الدُّعاةِ، وَعلَى العلَمَاءِ، وَعلَى أَهْلِ الإيمان أَنْ يَقِفُوا فِي وُجُوهِ السَّحَرَةِ، وأن يُنْكِرُوا علَيْهِمْ، وأن يَمْنَعوا بَاطِلَهُمْ، وأن يُقِيمُوا عليهم حَدَّ الله سبحانه وتعالى لِرَدِّ غَيِّهِمْ، وَكَفِّهِمْ عنْ شَرِّهِم، وإراحة المسلمين منهم. هذا وَاجِبُ المسلمين في كُلِّ زَمَانٍ.

ولا يَجُوزُ السُّكُوتُ أَبَدًا عن السَّحَرَةِ، والتَّساهل في شَأْنِهِم؛ فالسِّحْرُ عبَارَةٌ عنْ رُقَىً وَعزَائِمَ؛ يَعنِي: يَقْرَءونَهَا كَمَا يقول الإمام المُوَفَّقُ ابْنُ قُدَامَةَ في كتابه (الكافي).

رُقىً شَيْطَانِيَّةٌ؛ لَيْسَتْ رُقىً مِنَ القُرْآَنِ؛ إنَّمَا هي رُقىً شَيْطَانِيَّةٌ، كلمات غريبة، وَأَلْفَاظٌ مَجْهُولَةٌ، يَقْرَءُونَهَا، وَيَنْفُثُونَ، ثمَّ يتعاون معهم الشَّياطين، فيحصِّلون مَقْصُودَهُمْ مِنْ ضِعافِ الإيمان، أو المُغَفَّلِينَ، أو مِنَ الجَهَلَةِ؛ تؤثِّر هذه الرُّقَى والعزَائِمُ وَهَذِهِ الأَبْخِرَةُ الأدوية، أو حُرُوفٌ مُقَطَّعةٌ.

ولا تؤثِّر هي بِنَفْسِهَا، وإنَّما هذا بسبب التَّعاون مع الشَّياطين، وَبِسَبَبِ الإشراك بالله عز وجل والكفر بالله عز وجل.

فالله يُعاقِبُ مَنْ تَعاطَى هَذَا، بِأَنْ يُجْرِي علَى يَدَيْهِ شيئًا من الأضرار والمَضَارِّ؛ ابتلاءً وامتحانًا، كما قال تعالى: ﴿وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِۦ مِنۡ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ [البقرة: 102] يعني: بِإِذْنِهِ الكَوْنِيِّ؛ أي: قَضَائِهِ وَقَدَرِهِ.

وليس المراد إِذْنَهُ الشَّرْعيَّ؛ فإنَّه سبحانه وتعالى لم يُشَرِّع السِّحْرَ، ولم يأمر به شرعا، وإنَّما هذا قَضَاءٌ وَقَدَرٌ، قَدَّرَهُ اللهُ سبحانه وتعالى لِحِكْمَةٍ أَرَادَهَا مِنَ ابْتِلاءِ العبَادِ، واختبار العباد؛ بِتَسْلِيطِ بَعضِهِمْ علَى بَعضٍ عقُوبَةً لهم.


الشرح